100%
خضير الحميري
في الإجراءات التقليدية، التي عرفناها أبًا عن جد، يعمد أهل الشاب إلى إرسال وفد من النساء، مدجّجٍ بذوات المراس والخبرة، لمشاهدة العروس المطلوبة، والوقوف على أهم المواصفات والمؤهلات التي تتمتع بها. وبعد أن تتيسر الأمور ويتسلم الوفد الضوء الأخضر، يتبعه وفد آخر من الرجال لإتمام المهمة والخوض في التفاصيل، و.. وضع (الهلاهل) على الشفاه.
الاجتياح الإلكتروني، الذي تغلغل في كل تفاصيل حياتنا، ضرب هذه التراتبية عرض الحائط، وأنشأ لنفسه تراتبيات تتنوع وتختلف بحسب طرفي العلاقة، تراتبيات تتحدى الجغرافية والحدود المناطقية والدولية. وحين كنت أعد لهاتين الصفحتين، (مُبحوشًا) في الفضاء الافتراضي، هالني عدد المواقع والتطبيقات والصفحات التي تخوض في هذا الشأن، وتجمع شرق الأرض بغربها، وشمالها بجنوبها، وفاجأتني جرأة الشباب والشابات وهم يناقشون حاجتهم إلى شريك؛ مواصفاته، ومؤهلاته، ومزاجه. ولاحظت أنهم سرعان ما يهربون من تطفلي من العام إلى (الخاص).
ظاهرة (الخطّابة) الإلكترونية ظهرت في أوربا، والغرب عمومًا، مع انتشار الإنترنت، وبدأنا نقرأ كثيرًا عن علاقات، أو زيجات، تحصل بوساطات مواقع إلكترونية، وهي تتأرجح بين النجاح السريع والفشل الذريع، ومن يتابع الأفلام الرومانسية، وأفلام الجريمة والاحتيال، يمكن أن يقف على هذا الاختلال.
نحن لم نتأخر عن الركب، فسرعات ما تكاثرت مواقع (جمع الرأسين بالحلال،) بأسماء وترغيبات وأغراض متباينة، يختلط فيها الجد بالهزل، والنصب بالاحتيال، والبراءة بالدناءة، والصدق المعلن بالكذب المبطن، فنسمع أن فلانًا وفلانة دخلا القفص الذهبي بعد أن تعارفا عبر النت، كما نسمع أن فلانًا (انضرب بوري) بعد أن تعرض للاحتيال العاطفي عبر النت، وأن فلانة تعرضت للفضيحة والابتزاز بعد علاقة إلكترونية وهمية!
عالم واسع يقبل عليه الشباب باندفاع غريب، من دون يعرفوا تمامًا فيما إذا كان اندفاعهم سيفضي إلى بناء بيت أو.. هِجمان بيت!