100%
همسة وائل
تعد الأرصفة شريانًا أساسيًا لحركة المشاة في بغداد، لكنها اليوم تعكس واقعًا مأساويًا في كثير من الأحياء. انتشار البسطات العشوائية، والمولدات الكهربائية المتنقلة والثابتة، إلى جانب الأرصفة المهدّمة، كل ذلك جعل الممرات المخصصة للمشاة شبه معدومة.
فوضى الأرصفة
يجد الأطفال والطلاب أنفسهم مضطرين للسير وسط الشوارع المزدحمة، معرضين أنفسهم لمخاطر حقيقية كل صباح عند ذهابهم إلى المدارس.
وتشكل الأرصفة المهدّمة تحديًا إضافيًا، إذ تضطر الأسر وأطفالها للالتفاف حول الحفر، أو المشي في الشارع، لتجاوز المساحات غير الصالحة، ما يزيد من احتمال تعرضهم للحوادث، ولاسيما مع الحركة المرورية المكثفة في أوقات الذروة الصباحية.
طلاب مهددون
رحلة الطلاب اليومية إلى المدارس تحولت إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر. أم علي، وليّة أمر إحدى الطالبات في منطقة الكرادة، تقول: "أشعر بالخوف يوميًا حين أرى ابنتي مضطرة إلى السير في الشارع بدلًا من الرصيف، الذي اغتصبته البسطات والمولدات. حتى عندما أرافقها أشعر أننا معرضون لأي حادث، إذ استولت على المسارات واجهات البيوت ومخلفات البناء، التي غابت عيون الأمانة عنها." موضحةً: "في الدول المتقدمة، تجد أن مواقف السيارات منظمة، وتترتب عليها رسوم الوقوف." مضيفةً: "لكن هنا لا نرى أي تنظيم أو إجراءات من الجهات الرقابية والتنفيذية في مشكلة اكتساح السيارات الشوارع الفرعية، حتى أصبحت مغلقة أمام المارة، ولا حساب للحالات الطارئة."
في حي الشعلة، يروي حسين، التلميذ في المرحلة الابتدائية: "نضطر أنا وأصدقائي للمشي في الشارع، لأن الأرصفة مليئة بالمولدات وأكوام النفايات، وتمر السيارات بسرعة كبيرة، ونحن نشعر بالخوف الشديد من التعرض لحادث، لأننا لا نجد مكانًا للسير فيه."
مدارس محاصرة
الأمر لا يقتصر على الأهالي فحسب، بل يبرز أيضًا صوت المعلمين. مروة، المعلمة في إحدى المدارس الابتدائية تقول: "بعض الطلاب يصلون متأخرين أو منهكين، لأنهم يضطرون للالتفاف حول الأرصفة المهدمة أو المحتلة من قبل (البسطات) والمولدات." مبيّنةً أن هذا لا يعرّض حياتهم للخطر فحسب، بل يؤثر على الطفل نفسيًا ويسهم بتشتيت ذهنه خارج المؤسسة التعليمية. مشيرةً إلى أن المولدات الكهربائية التي تحتل الأرصفة، تزيد الوضع سوءًا، خصوصًا تلك التي توجد قرب المدارس، حيث تنبعث منها الأصوات العالية، فضلًا عن الحرارة والدخان، ما يزيد في صعوبة التنقل ويهدد صحة الأطفال.
أصوات المجتمع
يشير الأهالي إلى أن مشكلة الأرصفة المهدمة و(البسطات)، والمولدات، أصبحت قضية يومية لا يمكن تجاهلها. أبو أحمد، والد أحد الطلاب، يؤكد: "الأرصفة أمام المدرسة تحولت إلى مواقف للسيارات و(بسطات)، ومولدات، ما يجبر الأطفال على السير في الشارع."، مضيفًا: "كنا نأمل أن تكون الأرصفة وسيلة لحمايتهم، لكنها اليوم تشكل خطرًا إضافيًا."
الطلاب أنفسهم أصبحوا يعبّرون عن قلقهم من غياب الممرات الآمنة، إذ يسيرون جماعات لحماية بعضهم بعضًا، فيما تلجأ أسر أخرى إلى مرافقتهم يوميًا، خوفًا من الحوادث التي يمكن أن تقع في أية لحظة.
استجابات رسمية
في سياق متصل، أكدت أمانة بغداد، في بيان رسمي، أن بعض المشروعات، مثل أعمال الإنشاء في مول العراق، توقفت بسبب التجاوزات على الأرصفة وإنشاء مجسمات تشجير مخالفة، ما يعكس أن المشكلة ملموسة على أرض الواقع، وأن الجهات المعنية تتابع المخالفات وتسعى لتقليل الخطر على المشاة.
حلول ممكنة
يرى مختصون في شؤون التخطيط الحضري أن المعالجة تبدأ من حملات منظمة لإزالة التجاوزات، وإعادة تأهيل الأرصفة المهدّمة، وتخصيص أماكن بديلة للمولدات وأصحاب العربات المتنقلة. كما يشدد آخرون على أهمية إشراك المجتمع المحلي والطلاب، في مبادرات توعوية لحماية الأرصفة، وإعادة استخدامها بالطريقة الصحيحة، مع التأكيد على احترام الفضاء العام من قبل الجميع.