100%
- سجى كميل
- مع تزايد الضغوط على الجامعات العراقية لتحديث خدماتها ومواكبة العصر الرقمي، برز مشروع الهوية الجامعية الإلكترونية كأحد أبرز مبادرات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في إطار ستراتيجية التحول الرقمي الشامل. تهدف هذه الهوية إلى دمج بيانات الطلبة في بطاقة ذكية موحَّدة، وربطهم بجميع الخدمات الأكاديمية والإدارية، ما يُعد خطوة نوعية في مسار تحديث التعليم العالي العراقي.
- أهداف وإمكانات وفق تصريح المتحدث الرسمي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيدر العبودي، فإن الغاية الأساسية هي الانتقال من الهوية الورقية الثابتة إلى هوية ذكية تمكّن الطلبة من خدمة جميع احتياجاتهم الجامعية عبر منصة واحدة آمنة. ويُتوقع أن توفّر البطاقة: * ربطًا مباشرًا بالأنظمة الإلكترونية في الجامعة (القبول، التسجيل، الامتحانات، المكتبة، السكن). * وظائف التحقق الرقمي لمنع التزوير. * دعم الدفع الإلكتروني والمصادقة الرقمية. * توفير بيانات لحظية للإدارات بما يساعد في اتخاذ قرارات سريعة ومدروسة. من جهة الأمان، أوضح العبودي أن الوزارة اعتمدت معايير تشفير متقدمة مثل AES-256 وSSL/TLS، وربط أنظمة الدفع بمزوّدين مرخّصين وفق معايير PCI DSS، إلى جانب تشغيل مراكز عمليات أمنية (SOC) لرصد الاختراقات. وأشار إلى أن خطة التطبيق شاملة لجميع الجامعات الحكومية والأهلية وفق جدول مرحلي، مع توقُّع إنهاء طباعة وتوزيع البطاقات خلال المرحلة الحالية. التحول الرقمي وكانت وزارة التعليم العالي قد اعلنت -في وقت سابق- عن إرساء 120 نظامًا إلكترونيًا لإدارة مفاصل الشؤون الأكاديمية والإدارية في الجامعات العراقية، منها نظام إصدار الهوية الرقمية، ونظام معلومات الطلبة (SIS)، ونظام إدارة الاختبارات الإلكترونية (EMS). تندرج هذه الجهود ضمن تطبيق منصة HEPIQ الشاملة التي أصبحت متوفرة على متجري Apple وAndroid لتسهيل الخدمات الرقمية لطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية. إضافة إلى ذلك، يُشير خبير تربية وتعليم إلى أن انتشار الإنترنت في العراق تجاوز 80 % في السنوات الأخيرة، ما يوفر قاعدة ممكنة لدعم هذه المشروعات الرقمية، لكن التحدي يكمن في استقرار الخدمة وانقطاع الكهرباء المتكرر، وغياب البُنى التحتية الكافية داخل بعض الجامعات. كما يكشف تقرير حديث أن الجامعات العراقية لا تزال تعتمد بدرجة كبيرة على العمل الورقي في تسجيل الدرجات والمعاملات الإدارية، ما يعكس فجوة بين الطموح الرقمي والواقع العملي. في سياق أوسع، يُلاحظ أن ستراتيجيات التحول الرقمي في الجامعات العراقية تشير إلى أن القدرات التشغيلية (Operational Capabilities) هي العامل الأقوى في دعم قيادة المعرفة داخل الجامعات، وفق دراسة أُجريت في جامعة شمالية. أنظمة أكاديمية ترى الأستاذة فادية حافظ جاسم أن الهوية الإلكترونية ليست مجرد بطاقة، بل منظومة متكاملة إذا رُبطت فعليًا بالأنظمة الأكاديمية. وتؤكد أن فوائدها تكمن في: * رصد حضور الطلبة آنيًا بواسطة قارئات مرتبطة بالنظام، ما يقلل العبء اليدوي ويكافح التلاعب. * الاطلاع الفوري على السجل الأكاديمي للطالب بشكل موحَّد. * تبسيط التواصل بين الأستاذ والطالب من خلال رسائل تنبيه تربطها الهوية. * تقليل ازدواجية السجلات ومنع الانتحال عبر الربط بقاعدة مركزية. وترى أيضًا أن التطبيق الجيد سيؤدي إلى تسريع المعاملات الورقية وتخفيف التعقيدات، لكن بشرط أن تكون البنية التقنية مستعدة. في حديثه مع "الشبكة العراقية"، يقول الطالب حسن سليم: "استقبلنا الفكرة بتفاؤل. نحتاج فعلًا إلى نظام يُخفف العناء الورقي ويختصر الوقت. بطاقة موحَّدة تربط كل الخدمات ستُسهّل عمليًّا حياتنا الجامعية." لكنه أبدى قلقه: "أتخوّف من حماية بياناتنا، لاسيما إذا رُبطت الهوية بخدمات دفع إلكتروني. يجب أن تكون هناك ضمانات واضحة.” وأضاف أن التحدي الأكبر قد يكون في البنية التحتية، مثل ضعف الإنترنت أو التوقف المفاجئ، ما قد يفقد النظام قيمته. ويناشد الوزارة بتوعية الطلبة بكيفية استخدام الهوية وتقديم ضمانات بعدم تحميلهم أعباء مالية. ضمانات أمنية مشروع الهوية الجامعية الإلكترونية يُعدّ من أبرز ملامح مسيرة التحديث في التعليم العراقي، ويضع الجامعات على طريق تحول رقمي حقيقي، إذا ما دُعمت البنية التحتية وتوفرت الضمانات الأمنية والتشريعية. مع ذلك، فإن النجاح يعتمد على التزام الجامعات، وفعالية المنصات كـ HEPIQ، وقدرة الكوادر الأكاديمية والإدارية على التكيّف، وضغط الطلبة والمجتمع للمحاسبة. في حال نجحت التجربة، فقد تصبح الجامعات العراقية أكثر جاذبية على الصعيدين المحلي والدولي، وتفتح الباب أمام بناء (جامعة رقمية بالكامل) تُدار بالكود.. لا بالورق.