تأمل في أعمال الفنان فاخر محمد التجريد.. أكثر أنواع الفن واقعية!

فنون

تأمل في أعمال الفنان فاخر محمد التجريد.. أكثر أنواع الفن واقعية!
100%
فاضل محسن يُصر الفنان فاخر محمد على فكرة أن عملية الخلق الفني ليست مجرد صناعة أو تركيب، بل علاقة وجودية عميقة. "لا أرتب اللوحة كشيء منفصل، بل أدخل معها في علاقة حقيقية. القماشة البيضاء ليست صفحة فارغة، هي شريك مليء بالإمكانيات والرغبات والمخاوف التي لم تُعبّر بعد." يمكن القول إن أبرز ما يميز تجربة الدكتور (محمد)، تحريره اللون من قيود الواقعية، إذ لا يكمن الجمال عنده في الدقة التصويرية، إنما في الصدق العاطفيّ، فالفنان يترك جزءًا من روحه على سطح اللوحة، وهذا الجزء، تحديدًا، ما يصل إلى قلب المتلقي ويلمس مشاعره، اللوحة هي الصمت نفسه، لكن بشكل مرئي يمكن للعين أن تراه. إنها فلسفة ورؤية خاصة للفن، الرسم من وجهة نظره حوار داخلي عميق يتحول إلى شيء ملموس على سطح القماشة، "همساتنا الداخلية تتحول إلى ألوان وحركات وإيقاعات بصرية." قصيدة بصرية تفتح أعمال الفنان التشكيلي فاخر محمد أبوابها بهدوء لمن يريد أن يقرأها، هي أشبه بقصيدة بصرية تروي حكايتها، هنا يبتعد الفنان عن كل ما هو صاخب ومباشر، ليقدم لنا جلسة ومساحة للتأمل، أعمال لا تعطيك معناها جرعة واحدة، بل تحتاج منك أن تقترب، تتأمل، وتفك شفراتها بنفسك. حكاية تراكمية، تبنى طبقة تلو طبقة، وتكشف عن نفسها لمن يصبر عليها، يدعوك صانعها إلى حوار هادئ مع العمل، لا إلى استقبال رسالة جاهزة. ربما هذا ما يجعل تجربة مشاهدة لوحاته مختلفة، فهي لا تفرض نفسها عليك، بل تنتظر منك أن تمنحها وقتك وانتباهك، فالفن مجموعة من الرموز والتجارب العاطفية التي توحي للمتلقي بوجود معنى، وهو معنى غير ثابت ويختلف من شخص لآخر. ولادة المعنى لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في عمله، "أعتبرها ضيفًا عزيزًا لا انتظره، بل أخلق الفوضى التي تحتاجها. " دوره هنا، أن يكون قادرًا على الحوار مع المفاجآت، يختار ما يبقيه في العمل ويزيل الباقي بالألوان، لا يحاول السيطرة على كل شيء، بل يرقص مع الفوضى في حوار إبداعي. "عندما أرسم تبدأ المتعة الحقيقية في حياتي.. إنها رقصة بين القصد والصدفة، أبدأ بطبقات من الألوان، أمحو، أضيف، أكرر، إنها عملية منعشة، لعب مع المادة. الطبقات المتعددة من الطلاء هي طبقات من الزمن والذاكرة، كما تتراكم ذكرياتنا وتُمحى ويُعاد تشكيلها. اللوحة تكتمل عندما تبدأ في عقل وقلب المشاهد. وكل مشاهد يراها بتجاربه ومشاعره. الفن هو اللحظة من اللقاء الصامت بين وعيين، بين عالم الفنان وعالم المتلقي، وهناك، في تلك المساحة المشتركة، يولد المعنى." مصنع المخيلة "التجريد منهج فلسفي للوجود والإبداع، إنه تصوف فني يؤمن بأن الحقيقة تكمن في البدايات، في الطاقة الخام للألوان والروح. عندما يحدث هذا الاتحاد، ينتهي كل شيء، ويصل العمل إلى كماله الذاتي، ولا حاجة لإضافة أي شيء آخر." يؤمن فاخر محمد أن أعظم تقنية للرسام، مخيلته، كل الأدوات والتقنيات والألوان ما هي إلا وسائل لخدمة ما في داخل الفنان، المخيلة المصنع الذي تخلق فيه الأفكار والمشاهد والعوالم قبل أن تلمس الفرشاة القماش، بدونها تكون اللوحة مجرد نسخة أو شكل بلا روح. يؤكد دائمًا أن للفنان حاسة سادسة يمكن أن يشعر بها الكثيرون، مزيج من المهارات التي يطورها، ومعرفة أين يجب أن تذهب الخطوط والألوان والأشكال بشكل غريزي، دون الحاجة إلى التحليل المفرط، إنه إحساس داخلي بالتوازن والانسجام والإيقاع الذي يشعره بأن مساره صحيح. روح التراث فاخر محمد يرى في الحداثة والتجريب حوارًا خلّاقًا بين القديم والجديد، وليس قطيعة مع التراث، وأن أعظم الفنانين هم أولئك الذين يغوصون في أعماق تراثهم، يستوعبونه ويستحضرون روحه، ليعيدوا تقديمه بأسلوبهم، ولا يكتفون بحفظ التراث، بل يثرونه ويضيفون إليه طبقات جديدة من المعنى والدلالة. في هذا المشهد، يتحول الفنان من مجرد حارسٍ سلبي على متحف الماضي، إلى وسيطٍ يحول روائع الماضي إلى لغة بصرية يفهمها جيل اليوم. "الفن يفقد قيمته عندما يحاول أن يكون واضحًا جدًا، بالنسبة لي، اللون ليس مجرد صفة جمالية، إنه عاطفة خام، نبض الحياة، اللون مشاعر، اللوحة دائمًا ما تكون تفسيرًا، وليس تقريرًا، أحيانًا تكون الأفكار والمشاعر معقدة لدرجة أن الكلمات تعجز عن وصفها، وهنا يأخذ الرسم دور الوسيط الذي يستطيع التقاط تلك المشاعر المعقدة والمتناقضة. " هذا ما يدأب عليه (محمد) في أعماله التشكيلية، إذ أن العمل الفني بالنسبة له، لا يعطي إجابة واحدة، بل يطرح سؤالًا، وإن كل مشاهد ينظر إليه من خلال عدسة تجاربه ومشاعره، ليستخرج منها معنىً مختلفًا، إذ أن هذا الغموض في التفسير هو ما يجعلنا نعود إلى النظر إليه نفسه لمرات، من أجل اكتشاف طبقات جديدة من المعنى، "لو كانت الرسالة واضحة ومحددة، لانتهى حوارنا مع العمل بعد المشاهدة الأولى. "دائمًا ما ردد الفنان فاخر محمد، أن "الرسم موجود بسبب غموض العالم. " وهو ما أتفق عليه معه، وما أثبته في مشواره الإبداعي المستمر منذ عقود في عوالم الفن التشكيلي العراقي، عبر أعماله التي زينت جدران المتاحف المحلية والعربية والدولية.

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج