عباس عبد الرحمن - تصوير : حسين طالب
تولي الأوساط الأكاديمية، ومجتمع الأعمال، أهمية متزايدة لموضوع الخبرات والمهارات في أداء العاملين، قبل وبعد التخرج. ويجمع الخبراء على أن الدروس النظرية وحدها لا تكفي ما لم تُدعَّم بالدورات التخصصية والتدريب المستمر، باعتبارها أساس ديمومة التعليم وتطوير القدرات العملية. في هذا السياق، تتجه الحكومة العراقية نحو إصلاحات اقتصادية وإدارية واسعة، تتطلب توطين الخبرات وتقديم الدعم اللازم لها، أسوة بما تقوم به الشركات العالمية المرموقة التي تعتمد التدريب المستمر، ليس فقط لكوادرها، بل أيضًا للأجيال الشابة لاكتشاف المواهب وتعويض النقص الناتج عن التقاعد أو انتقال الكفاءات. الإصلاح المصرفي بالتوازي مع هذه الجهود، يعمل البنك المركزي العراقي على إعادة هيكلة المصارف الحكومية والمتعثرة لتواكب تطورات العصر في مجالات التكنولوجيا والرقمنة. من هنا برزت أهمية متابعة خطة الإصلاح، عبر لقاءات مع نخبة من الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين. الخبيرة المصرفية علياء حسين عبد شددت على أن: "الإصلاح المصرفي لا معنى له من دون تأهيل الكوادر البشرية، فهم الأعمدة التي يرتكز عليها المصرف، وخطوط الدفاع والإدارة التنفيذية والعليا." وأكدت أن "عملية التأهيل يجب أن تكون متزامنة مع مراحل الإصلاح كافة." محذّرة من الاكتفاء بالاعتماد على كوادر أجنبية في الإدارة العليا. واقترحت أن تُلزم عقود هؤلاء الخبراء بجدول زمني لتدريب الكوادر المحلية، ما يضمن نقل الخبرة بأقل التكاليف ويحقق استدامة النتائج. تدريب مشروط الخبير الاقتصادي نبيل رحيم دعم هذه الرؤية، وقال: "توطين الخبرة هو الهدف الستراتيجي، واشتراط تدريب الكوادر المحلية في عقود الخبراء الأجانب نهج ذكي ومستدام." وأضاف أن الحل الأمثل يتمثل في "بناء إطار هجين يجمع بين الخبراء الخارجيين والتدريب الممنهج للكوادر المحلية ضمن برامج قابلة للقياس، بما يضمن تحولهم من متلقين إلى قادة لعملية الإصلاح." أما المستشار المصرفي وعضو منتدى بغداد الاقتصادي جاسم العرادي، فشدد على أن: "رفع رأس المال، أو تعديل الأنظمة، لن يكون ذا قيمة من دون استثمار مماثل في رأس المال البشري. التدريب المتخصص على التقنيات الحديثة هو حجر الزاوية في أي إصلاح، وإغفاله يجعل كل الخطط حبرًا على ورق." شراكة مع الجامعات في طرح جديد، يرى الخبير المالي د. فاضل الجبوري أن الإصلاح المصرفي يحتاج إلى ربط التدريب بالشراكات الأكاديمية: "يجب أن تتحول المصارف إلى مراكز بحث وتطوير بالتعاون مع الجامعات العراقية، بحيث يُتاح للطلاب التدريب العملي المبكر داخل المؤسسات المالية. هذا الدمج بين التعليم الأكاديمي والتطبيق العملي سيخلقان جيلًا متمكنًا وجاهزًا لقيادة الإصلاح." تجدر الإشارة إلى أن شركة (أوليفر وايمن) العالمية للتدقيق والمراجعة منحت العراق مهلة حتى نهاية أيلول الجاري لتوقيع اتفاقية الإصلاح المصرفي بنسختها المعدلة، بعد الاستجابة لمطالب المصارف بتخفيف بعض المتطلبات التي شكّلت عائقًا أمام التنفيذ.