خضير الحميري
تحصل لدينا دائمًا، ولا يمر أسبوع أو شهر، في أكثر تقدير، من دون أن تسوق لنا الأحداث قضية جدلية (نتسلى) بها، ندس أنوفنا الطويلة بتفاصيلها، ونتفنن في استعرض خبراتنا الجنائية والقانونية والنفسية والأخلاقية والبوليسية والسياسية في كشف ملابساتها، قضية تكون محورًا للإدلاء بالآراء، والتقاذف بما لذ وطاب من ألفاظ.. وهكذا كان.. فهناك دِلاء تملأ وتفرغ فوق رؤوسنا على مدار الساعة.. قد يبدو الموضوع انعكاسًا للرغبة في التعبير عن الرأي مادامت القضية قضية رأي عام، مثلما تدعي وسائل التواصل، ولا بأس في أن يقول كل صاحب رأي رأيه، بالطريقة والأسلوب الذي يناسبه، مادام احترام الآراء والحقيقة والخصوصية والتخصص مضمونًا. لكننا نكون شهودًا على سيل من (قلّة الاحترام) والتلفيق وانتهاك الخصوصية وعدم التخصص، وبدلًا من أن نفهم ما حصل، نخلط الفراولة بالبصل! لا أريد أن أذكر قضية محددة من حرب (تبادل الآراء) التي شهدناها، فهي على العموم متشابهة من حيث المدخلات والنتائج، الأسرار والفضائح، وخاصة تلك القضايا التي تتعلق بأشخاص، سواء كانوا ضحايا أو مذنبين، حين توغل مشارط التحليل الكيفي في خصوصيات الناس وعلاقاتهم وسيرهم، وتسيل التكهنات والتعليقات الدبقة من كل حدب وصوب في تعبير دفين عن أمراض نفسية يقف أمامها سيغموند فرويد.. عاجزًا مخذولًا! ولا أكتمكم.. أن في فورة الإدلاء بالآراء، يمكن أن نلتقط دررًا حقيقية، فالناس العقلاء لهم آراؤهم الوازنة، التي تنصف جميع الأطراف من موقع الخبرة والاختصاص، برغم أن هذه الآراء غالبًا ما تغرق في تسونامي التسفيط والتسقيط.. ختامًا.. وأنت تدلي بدلوك (تذكر عزيزي الفيسبوكي، الأنستغرامي، الأكسي، التيكتوكي المتلهف للطشّة) أن كل قطرة من محتويات (الدلو) تدلقها على رؤوسنا إنما تعبر عن ثقافتك وشخصيتك.. والدلو.. ينضح بما فيه!
