إعداد وترجمة / أحمد الهاشم
في قفزة جريئة إلى الأمام، أطلقت الصين أول مستشفى في العالم يعمل بالذكاء الاصطناعي، واضعةً بذلك معيارًا جديدًا في الابتكار الطبي يَعِد بإحداث ثورة في كيفية تقديم الرعاية الطبية تبدأ القصة في عام 2024، عندما كشفت جامعة تسينغهوا الصينية عن (مستشفى وكيل الذكاء الاصطناعي)، وهو مفهوم غير مسبوق، يدمج أطباء الذكاء الاصطناعي الافتراضيين مع الرعاية السريرية الواقعية. على عكس المستشفيات التقليدية التي يعمل فيها أطباء بشريون فقط، يضم المستشفى الجديد وكلاء الذكاء الاصطناعي المتطورين، القادرين على تشخيص وعلاج المرضى بشكل مستقل، ضمن نظام رعاية صحية متكامل.
أطباء افتراضيون في صميم هذه المبادرة، يكمن إطار عمل للذكاء الاصطناعي متطور ذاتيًا، طوره معهد أبحاث الذكاء الاصطناعي في تسينغهوا، إلى جانب نظام طبيب الذكاء الاصطناعي Zijing AI Doctor الذي أطلقته شركة فرعية من جامعة تسينغهوا.
يعمل الفريقان معًا على تشغيل نظام بيئي يضم 42 طبيبًا من أطباء الذكاء الاصطناعي يغطون 21 تخصصًا طبيًا وأكثر من 300 مرض، كل منهم مُدرب تدريبًا مكثفًا على آلاف الحالات المرضية الاصطناعية لضمان دقة التشخيص.
ليس هؤلاء الأطباء المدعومون بالذكاء الاصطناعي مجرد روبوتات دردشة، بل يمكنهم التعامل بشكل مستقل مع مهام تتراوح من طب العيون إلى طب الجهاز التنفسي، مقدمين توصيات آنية تُبسّط سير العمل السريري.
ومن اللافت أن دقتهم التشخيصية تصل إلى 93 %، متطابقة في ذلك مع دقة الأطباء البشريين، بل وتتفوق عليهم في بعض الحالات. وفي وسع الذكاء الاصطناعي تحليل ما قد يستغرقه البشر سنوات لتحقيقه في غضون أيام.
ومن المتوقع أن يُسهم نموذج مستشفى الذكاء الاصطناعي في تخفيف نقص الأطباء وتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية، ولاسيما في المناطق النائية والريفية. كما دمج المستشفى تقنية الذكاء الاصطناعي في كل خطوة تقريبًا من رحلة المريض، بدءًا من عمليات القبول الرقمية والتنبيهات التنبؤية، وصولًا إلى التشخيص ومحطات التمريض المجهزة بدعم الذكاء الاصطناعي. يُركز المشروع أيضًا على الرعاية المُركزة بالإنسان من خلال دمج التكنولوجيا مع تصميم مستشفيات بارع، بهدف خلق بيئة علاجية تجمع بين العلم والثقافة. مساهمة (ديب سيك)
قدمت شركة (ديب سيك) الصينية، المتخصصة بالذكاء الاصطناعيDeepSeek AI، نموذج لغة طبية مفتوح المصدر طُوّر في الصين، مُدمج في الشبكات الداخلية لأكثر من 260 مستشفى في 93.5 % من المقاطعات الصينية.
ويُساعد نموذج (ديب سيك) الأطباء في تحليل الأمراض، وفحص الأمراض النادرة، والتطبيب عن بُعد، والتوثيق الطبي المُولّد بواسطة الـAI. على الرغم من هذه التطورات، لا يزال اعتماد الرعاية الصحية القائمة على الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء الصين متفاوتًا، حيث لا تستخدم هذه التقنيات سوى 0.7 % من المستشفيات في جميع أنحاء البلاد. ويُبرز ذلك فجوةً متزايدة: فالمراكز الحضرية تقود الطريق، بينما تُواجه المستشفيات الريفية والأقل تمويلًا خطر التخلف عن الركب. استثمار مالي ضخم
يعكس نهج الصين تجاه الذكاء الاصطناعي، في مجال الرعاية الصحية، طموحها الصناعي الأوسع، مع استثمار متوقع قدره 1.4 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2030. لا تنظر الصين إلى الذكاء الاصطناعي كمجرد أداة، بل كضرورة ستراتيجية لمواجهة التحديات التي تفرضها شيخوخة السكان، ونقص الأطباء، وعدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية. مع ذلك، لا تزال هناك أسئلة مهمة؛ هل يستطيع أطباء افتراضيون اتخاذ قرارات سريرية موثوقة؟ كيف ستتكيف اللوائح مع الممارسين غير البشريين؟ وكيف يمكن ضمان العدالة في الرعاية الصحية مع توسع التكنولوجيا؟
وبخصوص المرضى في جميع أنحاء العالم، يُقدم هذا الجهد الرائد لمحة عن كيفية إحداث الذكاء الاصطناعي تحولًا في الطب، من تبسيط سير العمل السريري إلى تذليل عوائق الرعاية. ومع تطور مستشفيات الذكاء الاصطناعي في الصين، فمن المحتمل أن تعيد كتابة قواعد تقديم الرعاية الصحية في القرن الحادي والعشرين.