جيل التيك توك صراع الهوية بين العائلة والشاشة

تحقيقات

جيل التيك توك صراع الهوية بين العائلة والشاشة
100%
رعد كاظم جبارة منذ فجر التاريخ، واجهت العائلات حول العالم معضلة عدم انسجام المراهقين مع ذويهم. وفي ظل الانفتاح الواسع الذي فرضته وسائل التواصل الاجتماعي، تحوّلت المشكلة إلى معركة يومية بين جيلين. تغيّر شكل الحياة اليومية للأبناء، واختلطت المظاهر والسلوكيات في ثقافات هجينة يصعب على الأهل فهمها أو التفاعل معها. يعيش الأبناء داخل منازلهم بغربة كبيرة عن ذويهم، إذ ينتمون إلى عالم يحدّده المؤثرون والموضات والتحديات الرقمية، بل وحتى القيم والعادات. وفي خضم هذا التغير المتسارع، يقف الآباء في حالة من الدهشة والقلق، يشعرون بالعجز أمام لغة لا يفهمونها وتصرفات لا تُشبه ما عرفوه. إنها فجوة ثقافية وعاطفية تتسع يومًا بعد يوم، وتهدد بانفصال داخلي عميق داخل الأسرة. مظاهر تغيّر الأبناء لم تعد مظاهر التغير مقتصرة على طريقة اللباس أو نوع الموسيقى؛ فقد أصبح التغير أكثر جذرية. إذ يتحدث الأبناء بلغات هجينة، تمزج الإنجليزية بالعربية وباللغات الآسيوية كالكورية والصينية وغيرها، وهي لغات انتشرت في العقود الأخيرة بفعل (الأنيميشن) أو الفرق الغنائية أو الألعاب الإلكترونية. يرفض بعضهم الطعام المنزلي مفضلين (الترند) في الوجبات السريعة المنتشرة على تيك توك. الأحاديث العائلية تُستبدل بساعات من التفاعل مع المشاهير أو الألعاب أو محتوى لا يعكس ثقافة المنزل. كل ذلك يجعل الآباء يشعرون بأن أبناءهم يعيشون في عالم غريب عنهم، ويثير تساؤلات صامتة في نفوسهم: "أين ذهب ذلك الطفل الذي ربّيته؟ من يُؤثر فيه الآن؟ وهل فقدت دوري كأب أو أم؟" فقدان المركزية في قلب كل هذا التغير، يعيش كثير من الآباء حالة من العزلة النفسية المؤلمة. فهم لا يعترضون فقط على السلوكيات، بل يتألمون من فقدان الاتصال. كانوا في الماضي المصدر الأول للتوجيه والتربية، أما اليوم، فدورهم يتضاءل أمام شاشة هاتف، ومحتوى غريب قد لا يعكس القيم ولا الاحترام. في كثير من البيوت، تغيب لغة التواصل المفتوح بين الأبناء والآباء، ما يعمّق الفجوة، ويترك الأبناء لإدمانهم على لوحاتهم الإلكترونية وهواتفهم الذكية، ليستعيضوا عن الأب والقدوة بمن يمثلهم بشكل عصري يواكب تطلعاتهم وأوهامهم الحديثة. ليس الحل في المنع أو التوبيخ أو التحذير الدائم، فهذه الأساليب تزيد من العناد والانفصال. بل يجب اتخاذ سبل جديدة منها فتح قنوات حوار حقيقية، يسودها الاحترام، ويشعر فيها الأبناء بالأمان في التعبير عن آرائهم. اضافة إلى الاقتراب من عالم الأبناء، دون سخرية أو حكم، لفهم ما يحبونه ولماذا يحبونه؟. الحوار عافية الأبناء ليسوا أعداء لثقافتهم، لكنهم ضائعون في عالم مليء بالتأثيرات. أما الآباء، فليسوا متخلّفين، بل مجروحون من شعورهم بأن أبناءهم ينفصلون عنهم يومًا بعد يوم. التحدي الحقيقي اليوم ليس في مقاومة التغيير، بل في قيادته بحكمة، بحيث نحمي أبناءنا من الذوبان، ونحمي الآباء من الانكسار. فالهوية لا تُفرض، ولكن يمكن أن تُزرع في قلوب الأبناء عندما يجدون فيها حبًا وفهمًا وصدقًا.

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج