عباس عبد الرحمن
أكد خبراء في المال والاقتصاد أن مساعي الحكومة الرامية إلى تعزيز مكانة العراق المالية والاقتصادية، على المستوى الدولي، تنطوي على أهداف ستراتيجية مهمة، من شأنها إعادة الثقة العالمية بأهمية الاقتصاد العراقي. في سؤال عن أهمية تشكيل فريق وطني مشترك لدراسة إمكانية رفع التصنيف السيادي للعراق، أشار خبراء، في أحاديثهم لـ"الشبكة العراقية"إلى أن هذه الخطوة محورية لرسم ستراتيجية جديدة في التعاطي مع المؤسسات المالية العالمية، بما ينسجم مع جهود إصلاح السياسة المالية في البلاد، واتساقًا مع مساعي الحكومة لإصلاح القطاع المصرفي ليواكب مستويات المصارف العالمية. وكان رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد وجّه بتشكيل فريق وطني مشترك برئاسة محافظ البنك المركزي العراقي، وعضوية ممثلين عن وزارات: المالية، والنفط، والتخطيط، فضلًا عن مؤسسات اقتصادية ومالية مختصة، إلى جانب مكتب رئيس الوزراء وهيئة الأوراق المالية، وممثلين عن القطاع المصرفي العراقي. بنية مصرفية الخبيرة المصرفية الدولية، السيدة عاطرة محمد زكي عبد القادر، أوضحت في حديثها لـ "الشبكة العراقية" أهمية هذا التوجه الحكومي الجديد بقولها: "من خلال تجربتي الحالية مع إحدى الشركات الأجنبية المنفذة لمشروع كبير في العراق، أرى أن ما يهم فعليًا في موضوع رفع التصنيف الائتماني، هو قدرة النظام المصرفي على استيعاب الشركات الأجنبية التي تدخل العراق لتنفيذ المشاريع." وأضافت: "هذه الشركات تحتاج إلى مصارف قوية وموثوقة تضع فيها أموالها، وتحصل منها على خدمات مالية متكاملة. وهنا تبرز أهمية رسم ستراتيجية من قبل فريق العمل لخلق بنية مصرفية حقيقية تقدم خدمات متطورة لهذه الشركات." وأشارت إلى أن المطلوب من المصارف عدم التركيز على ودائع المواطنين فقط، لكونها في الغالب حسابات جارية تُسحب عند الطلب، بل يتعين عليها جذب رؤوس أموال واستثمارات حقيقية تحتاج إلى نظام مصرفي فعال وآمن، وهو أحد أهم أهداف البيئة المصرفية التي يعمل فريق العمل على تحقيقها. كما دعت عبد القادر إلى ضرورة إشراك القطاع المصرفي في إعداد ستراتيجية تحسين التصنيف الائتماني، مبينة أن "المصارف العراقية مطالبة برفع مستوى الخدمات الأساسية وتحسين نسب الإقراض، إضافة إلى رفع رؤوس أموالها، ووضع كل مصرف لستراتيجية واضحة تواكب متطلبات المرحلة وتخدم البيئة الاستثمارية الحقيقية." استثمارات أجنبية من جانبه، عدّ الخبير المالي، شيروان أنور مصطفى، تشكيل فريق وطني مشترك خطوة مهمة على طريق فتح آفاق لاستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة. وقال: "وجود تمثيل لهيئة الأوراق المالية ضمن الفريق يعكس اهتمام الحكومة باستقطاب شركات عالمية أو إقليمية، إنتاجية أو خدمية، لها مصالح مشتركة مع القطاع الخاص العراقي، وتشجيعها على تأسيس شركات مشتركة أو الاستثمار في الأسهم العراقية. وهذا سوف ينعكس بالتأكيد على التصنيف الائتماني السيادي للعراق." ودعا مصطفى إلى ضرورة دراسة التجارب الإقليمية والعربية في هذا المجال للاستفادة منها. بيئة مالية مستدامة أما الخبير المصرفي والقانوني د. نبيل رحيم، فرأى أن "استقطاب الاستثمارات الأجنبية يتطلب تطوير بعض التشريعات، مثل: السماح لغير المقيمين من الأفراد والشركات بفتح حسابات لدى المصارف العراقية، وكذلك السماح للأجانب بتملك العقارات بمساحات محددة يقرها القانون." وأوضح أن هذه الخطوات ستسهم في تعزيز جذب الاستثمارات وخلق بيئة مالية مستدامة، وهو من صلب أهداف رفع التصنيف الائتماني السيادي للعراق. رؤية ستراتيجية تجدر الإشارة إلى أن الفريق الوطني سيعمل على إعداد ستراتيجية متكاملة تتضمن أهدافًا واضحة وقابلة للقياس، مع رفع تقارير دورية إلى الجهات المختصة، والتنسيق المباشر مع وكالات التصنيف الائتماني العالمية الكبرى، ولاسيما (Fitch, S&P, Moody’s)، بهدف تحسين التصنيف السيادي للعراق. وسيولي الفريق اهتمامًا خاصًا لتعزيز أدوات الحوكمة وإدارة المخاطر المالية وتطوير بيئة الأعمال بما ينسجم مع خطط الإصلاح الاقتصادي التي تتبناها الحكومة، وفق بيان رئاسة مجلس الوزراء. ويعكس هذا التوجه رؤية الحكومة لاعتماد ستراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى: تحسين التصنيف الائتماني السيادي للعراق، وتعزيز الثقة الدولية بالاقتصاد الوطني، وفتح آفاق أوسع أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، ودعم الاستقرار الاقتصادي والنظام المالي، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة تسهم في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمورد رئيس. ويأمل خبراء المال والاقتصاد أن تسفر هذه التوجهات الحكومية عن انفراج اقتصادي مقبل، بما يعزز مكانة العراق دوليًا ويعيد له دوره الفاعل في الأسواق المالية العالمية.