وسام عبد الواحد /
يستهدفُ العراق التوسع في استعمال الغاز السائل وقودًا للسيارات بدلًا من البنزين والديزل، ضمن ستراتيجيته لخفض فاتورة استيراد المشتقات النفطية وتقليل معدل الانبعاثات. وفي ظلّ التوجه العالمي نحو مصادر طاقة أنظف وأقل كلفة، بات الغاز السائل (LPG) خيارًا واقعيًا وبديلًا فعّالًا عن المشتقات النفطيَّة، ولاسيما في الاستخدامات المنزليَّة والصناعيَّة، وحتى في قطاع النقل. في هذا السياق، شرعت وزارة النفط، عبر الشركة العامة لتعبئة وخدمات الغاز، بتبني مشروع تحويل السيارات للعمل بمنظومات الغاز، في خطوة ستراتيجيَّة تهدفُ إلى تقليل الاعتماد على البنزين وتخفيف العبء على الاقتصاد الوطني. وانطلقت المبادرة رسميًا في العام 2017، بموجب قرار الأمانة العامَّة لمجلس الوزراء رقم 360، الذي ألزم سيارات الأجرة بتركيب منظومة غاز، لكنَّ المشروع لم يحظَ في بداياته بالاستجابة المتوقعة من المواطنين، بسبب غياب التوعية الإعلاميَّة، والمخاوف المتعلقة بالسلامة، فضلًا عن محدوديَّة عدد الورش المتخصصة ومنافذ التعبئة في حينه. لكنَّ وزارة النفط لم تتوقف عند هذه العقبات، بل واصلت تنفيذ خطتها الطموح، إذ تمَّ فتح ورشٍ فنيَّة حديثة في جميع المحافظات، تعمل وفق معايير فنيَّة عالميَّة، وبملاكات مدرّبة ومؤهلة. كما جرى افتتاح أكثر من 50 منفذًا لتعبئة الغاز السائل، ما أسهم في زيادة الإقبال التدريجي على اعتماد هذا النوع من الوقود. معايير عالمية وفقًا لمدير قسم غاز السيارات في الشركة العامة لتعبئة وخدمات الغاز، التابع لوزارة النفط، ريسان علي مصطفى، فقد بلغ عدد السيارات التي تعمل بمنظومة الغاز أكثر من 80 ألف سيارة." لافتًا الى أنَّ "هذا الرقم يُعد جيدًا جدًا مقارنةً بعدد الورش المتوفرة وإمكانات الشركة الحاليَّة." وأضاف أنَّ "نسب الإنجاز تجاوزت الخطط الموضوعة لعامي 2024 و2025، إذ بلغت معدلات التنفيذ أكثر من 100 %، ما يُعدُّ مؤشرًا إيجابيًا على نجاح جهود التوسع والتحديث التي تبذلها الشركة." واشار مصطفى في حديثٍ لـ "الشبكة العراقية" إلى إنَّ "وزارة النفط تدرسُ حاليًا مشروعًا ستراتيجيًا يتمثل بالدخول في عقود شراكة مع شركاتٍ عالميَّة متخصصة في تصنيع منظومات الغاز السائل؛ بهدف إنشاء ورشٍ جديدة بمواصفات عالميَّة، تضاف إلى الورش المحليَّة العاملة حاليًا في هذا المجال." وأشار الى أنَّ "هذا المشروع لا يزال قيد الدراسة." مؤكدًا أنَّ "الشركة تولي اهتمامًا بالغًا بجودة المنظومات المستوردة، إذ تعتمد على مناشئ رصينة وشركاتٍ مصنّعة وفق المواصفة الأوربيَّة القياسيَّة (ECE67 R)، وهي مواصفة دوليَّة معتمدة حتى في الولايات المتحدة." مضيفًا أنَّ "التزام الشركة بهذه المواصفات يهدف إلى تعزيز السلامة والكفاءة وضمان تقديم خدمة موثوقة ومستدامة للمواطنين، بما يتماشى مع المعايير العالميَّة في مجال التحول نحو استخدام الغاز كوقودٍ بديل." مردودٌ اقتصادي يتمثلٌ المردود الاقتصادي للمواطن بسعر الغاز المنخفض، إذ يكون سعر بيع اللتر الواحد بـ200 دينارٍ فقط، بينما يباع لتر البنزين غير المحسن بـ 450 دينارًا والمحسن بـ 850دينارًا، فضلًا عن وفرته، فالغاز غير قابلٍ للاحتكار مثل البنزين ومتوافر بكثرة، كما أنه يحافظ على الأجزاء الداخلية للمحرك ويطيل عمره، وبذلك تقل تكلفة الصيانة واستهلاك زيت المحرك أيضًا. مسؤول الإعلام والاتصال الحكومي في الشركة العامة لتعبئة وخدمات الغاز، مهدي مطر حريز، قال لـ "الشبكة العراقية" إنَّ "الغاز يعدُّ من مصادر الطاقة النظيفة، ليس له تأثير سلبي على البيئة، لعدم احتوائه على مركّبات الرصاص والشوائب الكبريتيَّة الأخرى، كما أنه يحافظ على نقاوة الهواء." وأضاف "من ناحية الكفاءة والفاعلية، يمتاز الغاز بنقاوة عالية، إذ إنَّ مستوى الأوكتاين فيه 110، بينما يتراوح في البنزين العادي بين 80 و83، وفي البنزين المحسن بين 94 و95، ما يزيد من كفاءته." يكمل حريز: "يزيد نجاح تجربة استخدام الغاز السائل، وقودًا للسيارات، في إيرادات البلاد المالية، ويقلل من عملية استيراد البنزين من الخارج، وهو بذلك يوفر الأموال لخزينة الدولة." وفي ظل تزايد الاهتمام بالتحول نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر اقتصاديَّة، تشهدُ عملية تحويل السيارات للعمل بمنظومة الغاز السائل (LPG) في العراق إقبالًا متزايدًا من قبل المواطنين، إذ تعمل الورش التابعة للشركة العامة لتعبئة وخدمات الغاز في غالبية المحافظات على تركيب هذه المنظومة للسيارات، وفق نظام الحجز المسبق، مع وجود تفاوتٍ في قدرة هذه الورش على تلبية الطلب، ما دفع الشركة إلى إنشاء ورشٍ نموذجيَّة جديدة في مصافٍ عدة، مثل التاجي والدورة، فضلًا عن خططٍ لإنشاء ورش نموذجيَّة أخرى ذات طاقة إنتاجية عالية. منظومة آمنة وبالرغم من بعض المخاوف التي عبّر عنها المواطنون حول احتمالية انفجار المنظومة، إلا أنَّ هذه المخاوف لا تستند إلى حقائق علميَّة، ولاسيما أنَّ الشركة العامة لتعبئة وخدمات الغاز التابعة لوزارة النفط، قد أكدت أنَّ منظومة الغاز السائل للسيارات آمنة، ولا توجد احتماليَّة لحدوث حريقٍ أو انفجار، كما بينت أنَّ المنظومة صنعت بمواصفات فنية عالية الجودة والرصانة. وافاد المدير العام للشركة العامة لتعبئة وخدمات الغاز، المهندس أنمار علي حسين، أنَّ "منظومة الغاز السائل للسيارات مصممة بموجب مواصفاتٍ تتحمل تغير درجات الحرارة صيفاً وشتاءً، وهي مستوفية لجميع متطلبات السلامة والأمان." وأضاف: "لا توجد أية احتماليَّة لحدوث أي حريقٍ أو انفجارٍ في هذه المنظومة نتيجة لارتفاع درجات الحرارة، لأنها صنعت بمواصفات فنية عالية الجودة والرصانة." منظومة الغاز تتحملُ درجات حرارة تصل إلى 70 درجة مئويَّة. والدليل على أمانها هو السيارات الحكوميَّة التي تستخدم هذه التقنية منذ سنوات عديدة، ومنها سيارات (البك أب) التي تُركّب فيها المنظومة في الحوض المكشوف، الذي يتعرض لحرارة مباشرة من دون وقوع أية حوادث. الباحث في الشأن الاقتصادي الدكتور مصطفى حنتوش تحدث لـ"الشبكة العراقيَّة" عن منظومة الغاز المركبة على السيارات قائلًا: "تعدُّ منظومات الغاز السائل حالة اقتصاديَّة وبيئيَّة جيدة؛ بسبب كون الغاز أقل تلوثًا وأرخص سعرًا، كما أنه يساعد على تقليل هدر الوقود، ولاسيما داخل المدن.. لكنَّ المشكلة الأساسيَّة تكمن في عدم توفر عددٍ كافٍ من محطات تزويد الغاز وضمان استمراريَّة ديمومة هذا المنتَج وتثقيف المجتمع العراقي عليه."