عبد الحسين بريسم /
مع توافد الملايين من الزائرين إلى مدينة كربلاء المقدسة، تحوّلت زيارة الأربعين هذا العام إلى نموذج فريد يجمع بين الإيمان والتنظيم والعطاء والعمل المؤسساتي المتكامل، حيث تفاعلت مؤسسات أكاديمية وخدمية وثقافية لتقديم خدمات غير مسبوقة، تكشف عن وعي جماعي يتجاوز البعد الديني إلى مشهد حضاري عالمي الطابع. طاقة نظيفة شهدت الزيارة هذا العام تحولًا لافتًا بإدخال الطاقة الشمسية إلى منظومة الخدمات المقدمة للزائرين، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها ضمن مواكب الخدمة الحسينية. فقد أعلنت شركة الكفيل للاستثمارات العامة التابعة للعتبة العباسية المقدسة عن تدشين مشروع طاقة شمسية متكامل في مجمع أبي الفضل العباس (عليه السلام) بقدرة تشغيلية تصل إلى 1.25 ميغاواط. وقال المهندس محمد عباس، مدير قسم التكنولوجيا في الشركة إن "مشروع محطة الطاقة الشمسية يهدف إلى توفير طاقة نظيفة ومستدامة لتشغيل المجمع على مدار العام، وتقليل الاعتماد على المولدات الكهربائية واستهلاك الوقود، فضلًا عن تقليص تكاليف الصيانة والتشغيل، بما يسهم في تخفيف الضغط عن الشبكة الوطنية." وأضاف أن المشروع شهد تنصيب أكثر من 2200 لوح شمسي وبقدرة 550 واط للّوح الواحد، إلى جانب استخدام 13 جهازًا شمسيًا عاكسًا بقدرة إجمالية تبلغ 115 كيلو واط لكل جهاز، فضلًا عن بطارية بسعة 1 ميغا واط لتخزين الطاقة وتشغيل الموقع ليلًا، بالاعتماد على الطاقة المتولدة خلال النهار. وأكد أن هذا المشروع يعد تحولًا نوعيًا في أساليب الخدمة الحسينية، كونه يربط روح المناسبة بأدوات المستقبل. برامج إرشادية في موازاة التطور التقني، أطلقت جامعة الزهراء للبنات، التابعة للعتبة الحسينية المقدسة موكبًا خدميًا متكاملًا استهدف الزائرات، وذلك بإشراف مباشر من رئيسة الجامعة أ. د. زينب الملا السلطاني، التي تابعت التحضيرات ميدانيًا لضمان أعلى درجات التكامل بين الجوانب الروحية والخدمية. وتضمن الموكب ركنًا خدميًا لتقديم الاستراحة والطعام، إلى جانب مفرزة طبية وخدمات علاج طبيعي بالتعاون مع مستشفى سفير الإمام الحسين (ع) وطبابة الحشد الشعبي، فضلًا عن ركن توعوي تكنولوجي يستخدم الوسائط الرقمية الحديثة لتقديم برامج إرشادية حول الوعي الديني والصحي. وشارك في هذه المبادرة أساتذة وطالبات الجامعة، في صورة حيّة تعكس انخراط المؤسسات الأكاديمية في خدمة المجتمع والزائرين. خطة خدمية من جهته، كشف مدير بلدية كربلاء المقدسة، المهندس حسن محمد، عن تفاصيل الخطة الخدمية التي وضعتها الدائرة خلال الزيارة، مشيرًا إلى تقسيم المدينة إلى تسعة قطاعات رئيسة بإشراف مباشر، والعمل بنظام ثلاث وجبات تنظيف يومية (صباحية، مسائية، ليلية). وأكد مشاركة نحو 2300 منتسب رسمي وأكثر من 6000 عامل تنظيف إضافي، فضلًا عن توزيع ما يقرب من 2750 حاوية نفايات، واستخدام 419 آلية خدمية متنوعة، إلى جانب توزيع أكياس نفايات وبروشورات توعوية على أصحاب المواكب والزائرين. رسالة حضارية في السياق الثقافي، نظم المصور الفوتوغرافي حكمت العياشي معرضًا فوتوغرافيًا يوثق مشاهد زيارة الأربعين من منظور إنساني وفني. وأوضح العياشي أن الفن الفوتوغرافي يشكل وسيلة فاعلة في توثيق مشاهد الإيثار والانتماء في زيارة الأربعين. وأضاف أن الصور لم تكن توثيقًا لحظيًا فقط، بل فعلًا ثقافيًا وإنسانيًا يحمل رسالة حضارية تتجاوز اللحظة. مؤكداً أن الفنون البصرية تسهم في صون الهوية وتحفيز الذاكرة الجمعية المرتبطة بهذه المناسبة.