أميرة الزبيدي /
مع إسدال الستار على دوري نجوم العراق، الذي تُوج به فريق الشرطة عن جدارة، بدأ صيف الانتقالات مبكرًا وبوتيرة لاهثة، لتفتح الأندية العراقية صفحة جديدة عنوانها: "من يملك المال يفرض كلمته." فبينما تنهمك الفرق الغنية في اقتناص أبرز نجوم الموسم المنتهي، لا تزال أندية أخرى تحاول لملمة أوراقها المالية على أمل البقاء في دائرة المنافسة. سباق محموم لم يكد جمهور الكرة العراقية يستوعب نهاية الموسم، حتى انطلقت الانتقالات الرسمية وغير الرسمية بسرعة لافتة. وكانت البداية من نادي الزوراء، الذي نجح في ضم محمد قاسم من النجف، وجدد عقد الحارس الدولي جلال حسن، كما التحق به كل من حسين حسن، ويوسف عزيز لأربعة مواسم. على الجانب الآخر، بدأ نادي ديالى بناء خط دفاع أجنبي، من خلال التعاقد مع الثنائي التونسي ثامر وشهاب الصالحي، بينما دخلت أندية القوة الجوية والزوراء في سباق لضم الجناح المميز سيف رشيد. وفي خطوة لافتة، أتم نادي الشرطة تعاقده مع السنغالي دومينيك ميندي لاعب النجف، بينما خطف الكرخ، اللاعب الأردني إبراهيم سعادة من المحرق البحريني. الانتقالات لم تقتصر على اللاعبين، إذ فتحت بعض الأندية خطوط التفاوض مع مدربين أجانب ومحليين، ما يشي بموسم مقبل عالي المستوى على المستويين الفني والتكتيكي. خيارات محدودة الواضح أن التفاوت المالي بين الأندية بات يُحدث فوارق واضحة في التحركات على صعيد الميركاتو الصيفي. ففي حين تجاوزت عقود بعض اللاعبين حاجز الـ 750 مليون دينار عراقي للموسم الواحد، تضطر أندية أخرى للزج بلاعبيها الشباب أو انتظار دعم محافظاتهم المحلية. أما التعاقد مع مدربين أجانب، فإن كلفته تصل إلى ضعف قيمة عقد اللاعب المحلي، ما يضع الأندية الفقيرة أمام خيارات محدودة ومرهقة إداريًا وفنيًا. تحذيرات فنية المدرب الوطني السابق عبد الإله عبد الحميد يرى أن الموسم المقبل سيكون أكثر صعوبة وتعقيدًا من الناحية الفنية، بسبب الاندفاع الكبير نحو التعاقدات من جهة، وتكدس النجوم في الفرق الكبرى من جهة أخرى. ويؤكد عبد الحميد أن الأندية الغنية ستحافظ على ريادتها بفضل قدرتها على شراء لاعبين أجانب ومدربين محترفين، في حين تضطر الأندية الفقيرة للاعتماد على مواهبها الشابة أو انتظار نهاية عقود بعض اللاعبين للتعاقد معهم بمبالغ أقل. ويضيف: "المال يصنع الفريق الآن، وليس فقط الخبرة الفنية. بعض المدربين الأجانب نجح، وبعضهم فشل، ولكن الأندية لا تتوقف عن المحاولة، والموسم المقبل سيكون اختبارًا حقيقيًا لهذه التعاقدات." فرق مترفة من جهته، يؤكد الصحفي الرياضي رياض عبد الهادي أن الخزائن المفتوحة لبعض الأندية أصبحت المعيار الحقيقي لمستوى الأداء، بل وحتى الطموحات. ويقول: "النادي الذي لا يملك تمويلًا، لن يستطيع المنافسة، سواء في كرة القدم أو في أية لعبة أخرى. هناك أندية تحظى بتمويل مؤسسي، يجعلها في مقدمة الدوري دائمًا، في حين تعتمد أندية أخرى على منحة وزارة الشباب التي لا تكفي لتغطية الحد الأدنى من النفقات." يشير عبد الهادي إلى أن بعض المحافظات لا تقدم الدعم الكافي لأنديتها، ما يضعها في مأزق كبير عند كل موسم، ويجعل التعاقد مع لاعبين أو مدربين على مستوى عالٍ أمرًا بعيد المنال. ويختم بالقول: "الفرق المترفة بدأت فعليًا بضم أبرز نجوم الموسم الماضي، أما الفقيرة فقد فتحت الباب أمام لاعبيها الشباب، في ظل عجزها عن الدخول في سوق الانتقالات بقوة. من الواضح أن من يملك المال هو من سيبتسم في نهاية الموسم المقبل."