عباس عبد الرحمن /
يشهد العراق في الفترة الحالية اهتمامًا متزايدًا في بناء نظام مصرفي رصين يواكب التطورات العالمية في مجالات التحول الرقمي والتقنيات الحديثة، وذلك في إطار جهود حكومية حثيثة لجعل القطاع المصرفي ركيزة أساسية في تنفيذ خطط التطوير والنمو الاقتصادي من خلال تنظيم السياسة المالية والنقدية. أكد خبراء اقتصاد ومال في تصريحات خاصة لـ "الشبكة العراقية" أن الحكومة العراقية خطت خطوات متقدمة في مجال تطوير وتعزيز الدفع الإلكتروني، وهو ما بات سمة مميزة لأدائها منذ توليها مهامها قبل أكثر من عامين ونصف العام. وأصبحت الحكومة تدرك بوضوح أهمية وجود نظام مصرفي فعّال وقوي، يُعد الدفع الإلكتروني وزيادة الشمول المالي من أبرز أهدافه، نظرًا لما يمثله هذا المجال من أهمية لاستقرار الاقتصاد ونموه. إجراءات داعمة وأشاد الخبراء بمجموعة من القرارات والإجراءات التي اتخذها كل من مجلس الوزراء والمجلس الوزاري للاقتصاد، فضلًا عن اللجان الفرعية المنبثقة عنهما، التي تضم ممثلين من الحكومة، والبنك المركزي، والقطاع الخاص. ومن أبرز هذه اللجان: * لجنة مراقبة أداء الدفع الإلكتروني. * لجنة تحفيز الدفع الإلكتروني والشمول المالي. * لجنة التحول الرقمي. * لجنة تقييم عمليات التحول الرقمي والدفع الإلكتروني في الوزارات والمؤسسات الحكومية. دفعٌ إلكتروني وفي خطوة نوعية جديدة، أعلن البنك المركزي العراقي عن قرب إطلاق البطاقة الوطنية للدفع الإلكتروني، المخصصة للتعاملات بالدينار العراقي داخل البلاد، بهدف تعزيز استخدام الدفع الإلكتروني. ومن المتوقع إطلاق هذه البطاقة في شهر آب الجاري 2025، إذ أكد الخبير المالي والمصرفي سمير النصيري أهمية هذه الخطوة، معتبرًا أنها تسهم في تعزيز السيادة النقدية للعراق، وتحافظ على قيمة الدينار العراقي مستقبلًا. واتفق معه في الرأي الدكتور مالك الدليمي، مشيرًا إلى أن هذه البطاقة كفيلة بتوفير السيولة وتقليل الاكتناز، فضلًا عن خفض مخاطر استخدام النقد الورقي كالتلف والسرقة، كما أنها تتيح سهولة أكبر في الاستخدام. من جهته، قال شيروان أنور، الخبير المصرفي الدولي ومستشار رابطة المصارف، إن البطاقة الوطنية للدفع الإلكتروني تمثل خطوة حضارية تستخدم في معظم دول العالم، معربًا عن فخره باستخدامها للدينار العراقي، رغم تأخر إطلاقها نسبيًا. أرقام قياسية التطور الملحوظ في مجال الدفع الإلكتروني تجلى بوضوح من خلال الإحصاءات الرسمية المحققة حتى مايو/ أيار 2025، إذ ارتفعت نسبة التحول الرقمي في الوزارات والمؤسسات العراقية إلى نحو 32 %، بعد أن كانت أقل من 18 % عام 2022، بنسبة نمو بلغت 78 %، مع ازدياد عدد الحسابات المصرفية إلى 20 مليون حساب، مقارنة بـ8 ملايين فقط عام 2022، بنمو تجاوز 150 %، إضافة إلى ارتفاع عدد البطاقات المصرفية (دائنة، ومدينة، ومسبقة الدفع) إلى ما بين 21 و22 مليون بطاقة، بعد أن كانت 16 مليونًا في 2022، بنسبة نمو بلغت 38 %، فضلًا عن ارتفاع عدد أجهزة نقاط البيع (POS) إلى نحو 62 ألف جهاز، بعد أن كانت أقل من 10 آلاف في 2022، بنسبة نمو وصلت إلى 520 %، كما بلغ عدد أجهزة الصراف الآلي (ATM) نحو 7531 جهازًا، بعد أن كان 2223 جهازًا فقط عام 2022، بنسبة نمو قدرها 239 %، ووصول إجمالي المدفوعات الإلكترونية إلى 1.37 تريليون دينار في أيار 2025، بعد أن كانت أقل من 90 مليارًا في نهاية 2022، بنسبة نمو قياسية تقدر بـ 1400 %. قرارات ستراتيجية تشير هذه المؤشرات إلى أن نسبة الشمول المالي في العراق بلغت نحو 40 %، بعد أن كانت أقل من 10 % في عام 2019، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ عدد من القرارات الستراتيجية المرتبطة بمشاريع الدفع الإلكتروني، وتسريع إنجازها خلال الفترة المقبلة. ومن أبرز هذه المشاريع: تفعيل البطاقة الوطنية للدفع الإلكتروني بشكل كامل بحلول نهاية عام 2025، وإنشاء مركز موحد لتلقي شكاوى الدفع الإلكتروني، يتخذ من مركز البيانات الوطني مقرًا له. وتوقعت مصادر حكومية، رفيعة المستوى، الانتهاء من تنفيذ هذه المشاريع خلال أقل من عام، مؤكدين أن تطبيقها سيسهم في نقل العراق إلى مرحلة متقدمة على مستوى المنطقة في مجال الدفع الإلكتروني والتحول الرقمي.