"غمزة" سياسية

اعمدة

"غمزة" سياسية
100%

حسن العاني /

مدير إعلام وزارة الكهرباء – وأنا اتحدث عن عام يعود إلى تسعينيات القرن الماضي – واحد من أنبل أصدقائي، طلب مني الحضور إلى مبنى الوزارة، فهناك مؤتمر صحفي يتناول مشكلات الكهرباء، ولأنه يعرف خصومتي مع الكهرباء، فقد حاول إغرائي بأن المؤتمر سيكون أقرب إلى جلسة سمر بعد الإفطار بساعتين – كنا في الشهر الكريم – وأنه مشتاق لرؤيتي و .. وأهم شيء، [هناك تكريمات مالية تسوه، وأنت بالذات محتاجها]، على حد تعبيره.. مهما كان موقفي متشدداً من المؤتمرات، وإرادتي صلبة في عدم حضورها، وجدت نفسي أضعف حين سمعت خبر التكريم الدسم، ولهذا قلت له عبارة تفوح منها رائحة النفاق: [ تعرف حبيبي.. آني راح أحضر إكراماً لك.. ولأنني مشتاق أشوفك!!] وأشهد أن المؤتمر كان ممتعاً وبعيداً عن الرسميات المزعجة، تناول فيه الحضور أرقى أنواع الحلويات التي لم أقترب منها، فأنا لست من عشاقها، ولا يغريني في المساءات الرمضانية غير الشاي، لكن المشرفين أغفلوا ذلك تماماً، ولو قدموا لي قدح شاي واحداً لكتبت بحقهم وحق الكهرباء أفضل تقرير!! وفيما كان السادة (مدراء الكهرباء) يتحدثون عن الطاقة والميكاواط وجهودهم الممتازة .. وعن الحصار الغاشم وعدم تحلي المواطنين بالمسؤولية لأنهم لا يلتزمون بالترشيد.. كنت أفكر بحب جديد تفتح القلب له، وقد جعلني ذلك الهوس العاطفي أشرع بكتابة قصيدة نثر، ومع أول سطرين أنجزتهما على وجه السرعة، باغتني الرجل الذي يدير الجلسة بعبارة رائعة فوق استحقاقي: [لم يكرمنا الأستاذ الكبير حسن العاني بسؤال أو رأي ]... الملعون أنساني هوسي العاطفي وقصيدة النثر، وعرّضني إلى مصاب جلل، لكوني أنزعج جداً من مفردة (أستاذ)، ولأنني لم أتابع مجريات المؤتمر ووقائعه.. وما زلت أجهل، حتى هذه اللحظة، كيف تبادر إلى ذهني سؤال يستحق نوط شجاعة، مع أن تاريخي الشخصي خالٍ من الشجاعة والأنواط.. و.. وبدوري فاجأته متسائلاً عن الكيفية التي تتعافى فيها الكهرباء الوطنية، فلا تنطفئ أبداً على مدى ثلاثة أيام بلياليها كلما حل عيد (ميلاد الرئيس)، حتى أن الناس التي لا تطيق سماع اسمه، باتت تتمنى لو أصبحت أيام السنة كلها أعياداً لميلاد الرئيس.. وقد أفضتُ في شرح السؤال، مع أن أحد الزملاء ضايقني، وهو يغمز لي بعينه، ويقوم بحركات غريبة أقرب ما تكون إلى المعاكسة اللا أخلاقية!! حين انتهيت، وقد تملكني شعور بأنني من أحفاد عنترة بن شداد، كانت أجواء المؤتمر قد أصابتها صعقة كهربائية، بحيث اختلطتِ اللعثمة باصفرار الوجوه، ومما زاد الطين بلّة، أنني نشرت مقالة عن المؤتمر، قلت فيها إن المنطقة التي تقع فيها وزارة الكهرباء كانت غارقة في ظلام دامس ليلة انعقاد المؤتمر، وإن المكان الوحيد الذي يعجّ بالأضواء هو مبنى وزارة الكهرباء.. هنا أود التنويه إلى ثلاث ملاحظات، أولها: أن المؤتمرات بعد (2003) تحلت بأعلى مواصفات الديمقراطية، بحيث بات المسؤول قادراً على الإدلاء بأي تصريح، ليلاً، والتنكر له نهاراً.. وثانيهما أن الوزارة في ذلك المؤتمر التسعيني لم تكرم الصحفيين (لأول مرة)، ومن واجبي الاعتذار لزملائي -ولو بعد فوات الأوان- لكوني أنا السبب، كما يقتضي الاعتذار – وهي ثالث الملاحظات – من الزميل الذي أزعجني بمعاكساته، حيث ظهر أن غمزاته كانت سياسية لكي يحذرني من التمادي في طرح أسئلة قد تكون سبباً وراء إرسالي إلى المعسكر التأديبي في الرضوانية.. وهي أدنى عقوبة!!

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج