الكوفة : أحمد الكعبي - تصوير: علي حنون /
ولد مرتضى حرب، عام 1992 في محافظة البصرة، حيث كان مهوالًا وصاحب أهزوجة جنوبية لأهل البيت (عليهم السلام)، قبل أن يصبح رادودًا حسينيًا، ما جعل له القدرة على معرفة الطريقة العربية الجنوبية في الشعر والتنغيم والأداء، طريقته في الأداء أقرب ما تكون لنمط القصائد الحسينية التي كانت تقرأ في أوائل النصف الأول من القرن الماضي. يرى الجمهور الحسيني في قراءات مرتضى حرب أن أسلوب أدائه يشابه أداء تراث رواد المنبر الحسيني (الرواديد)، ولتسليط الضوء على تجربته الإبداعية أجرت "الشبكة العراقية" حوارًا معه لمعرفة أهم محطات حياته الإنشادية والشعرية ونجاحه المنبري. * متى وكيف بدأت مسيرتك في مجال الرواديد؟ ما الدوافع التي قادتك إلى هذا المجال؟ -أنا أنتمي إلى بيت يحب الشعر والأهزوجة، حيث كان والدي، المرحوم حرب المزيرعاوي، وأخي مصطفى، شاعرين، تعلمنا ترديد الأبوذية منذ كنا صغارًا، وعندما كبرت لم أنتمِ لأي اتحاد أو رابطة شعرية، بل بقيت مع والدي يعلمني الشعر وضوابطه وبحوره وأصوله. * متى كانت البدايات؟ -بدأت تجربتي الأولى من خلال برنامج يذاع في راديو المربد في محافظة البصرة، وكنت في بداياتي أكتب الأهزوجة بطريقة حديثة وبصورة شعرية تتعدى العشرة أبيات، ما سهل إنتشارها بين الناس. * مرتضى حرب رادود وشاعر منصة ومهوال.. أين تجد نفسك بينها؟ - اعتبر نفسي أقل رادود في الساحة الحسينية المباركة، لكن حب الناس يجعلني أرتقي المنبر، ولاسيما في المواكب الحسينية في الوسط والجنوب، حتى أني دُعيت إلى محافظات عدة في الشمال، أما في الميدان، فإن أعمالي قلّت تقريبًا بسبب ارتباطي بالمهرجانات الشعرية. * هناك من ينتقد صعود الشاعر المهوال إلى المنصة، ما رأيك؟ - هذا صحيح، لكن كتابة الأهزوجة شيء جميل، وهي تصل إلى قلوب الناس أكثر من القصيدة، لأنها تعالج قضايا مهمة في المجتمع والعشيرة. * بعض الشعراء أدخلوا ثقافتهم الشعبية ولهاجتهم إلى المدن، ومرتضى حرب أحدهم، ماذا تقول ؟ - لن أغير هذا اللون لكي يعيش المجتمع تراثه، فهناك الكثير من المفردات قد اندثرت، وأنا بأهزوجاتي أعيدها إلى الحياة، وأجد أن الناس في المدن أحبوا هذا العمل وتفاعلوا معه، وخاصة جيل الشباب، وأنا أعشق نغم الزهيري، وطالما تغنيت به في الكثير من المناطق التي تحب هذا المقام. * ما مواصفات الرادود الناجح والمقبول بنظرك؟ - على الرادود أن يتصف بمكارم الأخلاق، لكن عليه أن يركز على جوانب ضرورية، منها التزامه بزيارة المسجد وحضور المناسبات الدينية، وأن يكون منفتحًا على المجتمع، كذلك نجد أن الرادود له مكانه اجتماعية تشبه مكانة طالب العلم في المجتمع، يجب عليه أن يستغلها في التأثير بالمجتمع إيجابيًا، وأن يصدح بمصائب وأفراح أهل البيت (عليهم السلام) وبيان مظلوميتهم، بدون أن يخشى في الله لومة لائم. * بماذا تنصح الرادود الحسيني لكي يستمر في عطائه؟ - أنصحه بأن يتقي الله خلال كل عمل يقوم به، وأن يحافظ على جودة صوته، بالقراءة الفردية والجماعية والتجديد الإيجابي في العطاء، والتعمق في معرفة ودراسة سيرة أهل البيت (عليهم السلام)، إضافة إلى المداومة على قراءة القرآن الكريم والأدعية والزيارات، فضلًا عن التعايش المباشر مع الشعراء والرواديد، والاستفادة من التجارب والخبرات السابقة لدى ذوي الخبرة في هذا المجال، وعدم التفرد بالرأي، والاستفادة من آراء الآخرين. * هل ترى تأثيرًا لقراءاتك للمراثي الحسينية في المجتمع الحسيني؟ - نعم، ألمس ذلك التأثير واضحًا عندما أرى الدموع واللوعة والحزن بادية على تلك الوجوه المشاركة في تقديم العزاء الحسيني في المجالس الحسينية المباركة، ولا ننسى أن صفاء النية في العمل أمر ضروري للشاعر والرادود والمنشد. * هل تستعين ببعض الملحنين لقصائدك ومراثيك الشعرية التي تنشدها بين الجمهور الحسيني؟ -أكيد أستعين ببعض الإخوة الكرام الذين لهم خبرة وفكرة في تكوين اللحن الحسيني، ومن ثم بالشاعر الموهوب الذي يجسد اللحن مع النظم الشعري الحسيني، وبعض الألحان أنا أبتكرها وأنظم على نغمها المقبول أمام الجمهور. * العديد من القصائد التي نسمعها بصوتك الشجي تثير ألمًا في قلب المتتبع والموالي، لمن توعز ذلك؟ -القصائد الحسينية التي أنشدها نابعة من دراسة وتحليل، تثير المواساة لما جرى على الإمام الحسين (عليه السلام) وأهل بيته الكرام وصحبه الميامين (عليهم السلام جميعًا)، ومن تلك القصائد ـ إصدار 1447 هـ : (شهر السبي) و(سمعني صوتك) و(لا يا هلي) و(نبديها بيا علي) و(ولدي السباع) و(مراسيم الرحيل)، وغيرها من القصائد والمراثي التي طرحناها أمام الجمهور الحسيني الكريم. * قصيدة (أنا دامي) قُرئت في 1441 هـ ومازالت تردد من قبل الجمهور الحسيني، ما قصة هذه القصيدة؟ -الحقيقة أن هذه القصيدة من كلماتي وأدائي، وهي في حق سفير الحسين (عليه السلام) مولانا غريب الكوفة مسلم بن عقيل (عليه السلام) أوضحت فيها مأساة المبعوث الغريب الذي جاء منقذًا ومصلحًا لمجتمع صار بيد السلطان الجائر، فضلًا عن الأدوار التي مر بها (عليه السلام) من قلة الناصر والمعين في بلدة بعيدة عن الإمام الحسين (عليه السلام) وأهله وعشيرته بني هاشم الكرام، وعن المسلمين الذين لهم الشجاعة والبسالة والدفاع عن المظلوم، الذين لا يضام عندهم الضيف.