100%
مقداد عبد الرضا
أي الحالتين أمثل لك؟ أنت أم الصورة التي قمت بالتقاطها توًا؟ إن كانت الصورة، فهذا يعني أنك بدأت بالتراجع، لأن الصورة ستمحى قريبًا. أما إذا كنت أنت، فهذا يؤكد براعتك ومهارتك وسجل ديمومتك. ألم يقل الكاتب أندريه جيد في (قوت أرضه) ""نتنيل.. سأعلمك الحكمة، لتكن الأهمية في نظرك، لا في الشيء المنظور"."
حلّق عاليًا منذ إطلالته الأولى بصوته الأجش الذي ألِفهُ الناس وأحبوه، حتى أن بعضهم أخذ يقلده. لعل ميلاده يشفع للبقية الباقية من الذين ولدوا في 1 - 7 أنهم زوّرا، فهو حقًا قد جاء إلى هذه الدنيا في مدينة الكاظمية بتاريخ 1 - 7 - 1924، ومنها انطلق سعيًا إلى الدنيا والدخول في لُعبها. ومن أهم اللُّعب التي أنجزها أنه كان يقعد عند باب المحاكم (أرضحالجي)، يساعد الناس في انهاء مشكلاتهم، ومن هذا المهنة استطاع أن يدخل صندوق السحر ليقدم واحدًا من أجمل البرامج التمثيلية (الأرضحالجي )، شاركه فيه الراحل خليل الرفاعي. والصورة تحكي لحظة من لحظات البرنامج. بداياته كانت مع الصحافي شاكر إسماعيل، الذي جاء به إلى المدرسة الخيرية ليقدم على المسرح (مجنون ليلى). من أهم ما أنجز في السينما: مشروع زواج، 1962، الغرفة رقم7 ،1966، طريق الشر، 1967. إنه الفنان رضا الشاطي، الذي رحل بعيدًا في مغتربه السويد بتاريخ 27 - 4 - 2013 رحمه الله.
حينما بدأت الحروف تتقافز وتنأى عنه بعيدًا وفي كتاب الرمل، يقول بورخس "قيض لي أكثر من مرة أن أقرأ ترجمة أنطوان غالان لألف ليلة وليلة. اكتشفت أشياء كثيرة، لكنني حلمت بشيء واحد، هو أن أملك بساطًا سحريًا ينقلني إلى كل الأمكنة وكل الأزمنة. لم يكن تحقيق ذلك ممكنًا، فأطلقت العنان لخيالي."
هن الباسلات برويّة وهدوء، أصابعهن تتراقص، تضع النقطة وتمد الخيط، لتنسج لبورخس بساطًا يطوف به فوق دنيانا، حتى يعرف كيف أن السندباد صنع الفلك وعبر الدنيا سبع مرات، ليحكي لنا خيالًا قل نظيره. ألف ليلة وليلة، ألف خيط وخيط، تتعاشق الخيوط لتنسج بدلة عرس وفراش ضيوف ومحبة، سحر اللون يطغى على البساط. في مندلي، هذه الساحرة تصنع بأصابعها البساط كي نطير ونحلق ونكتشف.. يا للمتعة.
هذه الصورة مألوفة لدى النظّارة، لكن شرحها غير مألوف. كانت البلاد غنية بمخلصيها، ولم يكن لديها معمار تعول عليه في لقاءاتها، كانت تلجأ إلى أي مكان تجتمع فيه وتمنح الناس راحة وإخلاصًا. نواب ذاك الزمان يجتمعون في سينما رويال، أظن أن الشرح، وما دار داخل السينما واف.
أول مجلس نيابي عراقي، 8 حزيران 1925، اجتمع في الرويال سينما، المنتخبون كانوا 159 رجلًا. وقد حضر المجلس سعادة رشيد أفندي الخوجة أمين العاصمة، وقد وضع البطاقات أمامه، وعن يمينه فخامة جعفر باشا العسكري، وعن شماله معالي رشيد عالي بيك الكيلاني، وأسفرت الانتخابات عن فوز السادة: رشيد عالي، وجعفر العسكري، وعبد الحسين الجلبي، وعبد الرزاق منير، وياسين الهاشمي، وحمدي الباجه جي، وفخري الجميل، ورضا الشبيب، ونعيم زلخة، والسيد ساسون، ويوسف غنيمة.
(شربت زبيب واليندب الله مايخيب)
(ديس العنز، ديس العنز، صاير زبيب العنب)
عند مساءات حواري بغداد، هل تناهت إليك هذه الأصوات الحميمة؟ أو هل استوقفك هذا البائع ومنحك (طاسة) من ذهب تبلل بها قلبك الملتهب حبًا أو حرارة هذا الشهر التموزي؟ مغرية هي النداءات، لو قيض لي أن أنجز عملًا مصدره النداءات، لمنحت الدنيا سحرًا يتفوق على كل صراخ يزعج هدهدة أم لوليدها، مشاهد لا تغيب عما سطرته الذاكرة. منذ سنوات بعيدة، كنت ألمحه عند شارع الحلوات، يحمل المناشف فوق كتفه وينادي "العالم ذهب"، ماهي العلاقة بين عالمه وما يحمله ذلك الرجل، جوّاب الطرقات؟ لا شيء، حسبي في ذلك فقط من أجل ان تكون نظيفًا تلمع كقطعة ذهب فوق جيد حلوة. تناغم حميم بين الطفلين وبائع الزبيب في منطقة الكاظمية.

حلّق عاليًا منذ إطلالته الأولى بصوته الأجش الذي ألِفهُ الناس وأحبوه، حتى أن بعضهم أخذ يقلده. لعل ميلاده يشفع للبقية الباقية من الذين ولدوا في 1 - 7 أنهم زوّرا، فهو حقًا قد جاء إلى هذه الدنيا في مدينة الكاظمية بتاريخ 1 - 7 - 1924، ومنها انطلق سعيًا إلى الدنيا والدخول في لُعبها. ومن أهم اللُّعب التي أنجزها أنه كان يقعد عند باب المحاكم (أرضحالجي)، يساعد الناس في انهاء مشكلاتهم، ومن هذا المهنة استطاع أن يدخل صندوق السحر ليقدم واحدًا من أجمل البرامج التمثيلية (الأرضحالجي )، شاركه فيه الراحل خليل الرفاعي. والصورة تحكي لحظة من لحظات البرنامج. بداياته كانت مع الصحافي شاكر إسماعيل، الذي جاء به إلى المدرسة الخيرية ليقدم على المسرح (مجنون ليلى). من أهم ما أنجز في السينما: مشروع زواج، 1962، الغرفة رقم7 ،1966، طريق الشر، 1967. إنه الفنان رضا الشاطي، الذي رحل بعيدًا في مغتربه السويد بتاريخ 27 - 4 - 2013 رحمه الله.
حينما بدأت الحروف تتقافز وتنأى عنه بعيدًا وفي كتاب الرمل، يقول بورخس "قيض لي أكثر من مرة أن أقرأ ترجمة أنطوان غالان لألف ليلة وليلة. اكتشفت أشياء كثيرة، لكنني حلمت بشيء واحد، هو أن أملك بساطًا سحريًا ينقلني إلى كل الأمكنة وكل الأزمنة. لم يكن تحقيق ذلك ممكنًا، فأطلقت العنان لخيالي."
هن الباسلات برويّة وهدوء، أصابعهن تتراقص، تضع النقطة وتمد الخيط، لتنسج لبورخس بساطًا يطوف به فوق دنيانا، حتى يعرف كيف أن السندباد صنع الفلك وعبر الدنيا سبع مرات، ليحكي لنا خيالًا قل نظيره. ألف ليلة وليلة، ألف خيط وخيط، تتعاشق الخيوط لتنسج بدلة عرس وفراش ضيوف ومحبة، سحر اللون يطغى على البساط. في مندلي، هذه الساحرة تصنع بأصابعها البساط كي نطير ونحلق ونكتشف.. يا للمتعة.
هذه الصورة مألوفة لدى النظّارة، لكن شرحها غير مألوف. كانت البلاد غنية بمخلصيها، ولم يكن لديها معمار تعول عليه في لقاءاتها، كانت تلجأ إلى أي مكان تجتمع فيه وتمنح الناس راحة وإخلاصًا. نواب ذاك الزمان يجتمعون في سينما رويال، أظن أن الشرح، وما دار داخل السينما واف.
أول مجلس نيابي عراقي، 8 حزيران 1925، اجتمع في الرويال سينما، المنتخبون كانوا 159 رجلًا. وقد حضر المجلس سعادة رشيد أفندي الخوجة أمين العاصمة، وقد وضع البطاقات أمامه، وعن يمينه فخامة جعفر باشا العسكري، وعن شماله معالي رشيد عالي بيك الكيلاني، وأسفرت الانتخابات عن فوز السادة: رشيد عالي، وجعفر العسكري، وعبد الحسين الجلبي، وعبد الرزاق منير، وياسين الهاشمي، وحمدي الباجه جي، وفخري الجميل، ورضا الشبيب، ونعيم زلخة، والسيد ساسون، ويوسف غنيمة.
(شربت زبيب واليندب الله مايخيب)
(ديس العنز، ديس العنز، صاير زبيب العنب)
عند مساءات حواري بغداد، هل تناهت إليك هذه الأصوات الحميمة؟ أو هل استوقفك هذا البائع ومنحك (طاسة) من ذهب تبلل بها قلبك الملتهب حبًا أو حرارة هذا الشهر التموزي؟ مغرية هي النداءات، لو قيض لي أن أنجز عملًا مصدره النداءات، لمنحت الدنيا سحرًا يتفوق على كل صراخ يزعج هدهدة أم لوليدها، مشاهد لا تغيب عما سطرته الذاكرة. منذ سنوات بعيدة، كنت ألمحه عند شارع الحلوات، يحمل المناشف فوق كتفه وينادي "العالم ذهب"، ماهي العلاقة بين عالمه وما يحمله ذلك الرجل، جوّاب الطرقات؟ لا شيء، حسبي في ذلك فقط من أجل ان تكون نظيفًا تلمع كقطعة ذهب فوق جيد حلوة. تناغم حميم بين الطفلين وبائع الزبيب في منطقة الكاظمية.
