100%
كربلاء/ عامر جليل إبراهيم
تصوير/ إعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية
يمثل مرقد الإمام عون بن عبد الله (ع) أحد أبرز المحطات الدينية والروحية في مدينة كربلاء المقدسة، إذ يقع على أحد المحاور الحيوية المؤدية إلى مرقد الإمام الحسين (ع)، ويعدّ استراحة مهيبة لجموع الزائرين المتجهين إلى كربلاء من مختلف محافظات العراق والعالم الإسلامي.
هذا المقام الشريف الذي يُلقب بـ (المعزِّب) لخدمته زائري الإمام الحسين (ع)، لم يكن في السابق سوى غرفة طينية صغيرة بلا ممرات، لكن بجهود المؤمنين والمؤسسات الدينية، تحول إلى صرح معماري يضاهي أرقى المزارات من حيث التصميم والخدمة والروحانية.
مجلة "الشبكة العراقية" زارت هذا المرقد الشريف الذي يعد محطة استراحة اثناء الزيارات المليونية والزيارات الاعتيادية والتقت السيد عبد الله عمران علي، الأمين الخاص للمزار، ليحدثنا قائلًا:
من هو الإمام عون (ع)؟
"يُعرف صاحب المرقد بـعون بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، حفيد جعفر الطيار، وأمه هي السيدة زينب الكبرى بنت الإمام علي (ع). استشهد في واقعة الطف سنة 61هـ (680م) مع خاله الإمام الحسين (ع)، ويعدّ من أبرز شهداء كربلاء.
وفقاً لما ورد في مخطوطة (فلك النجاة في أحكام الهداة) للسيد مهدي القزويني، فإن الإمام عون دفن خارج الحائر الحسيني في الموقع الحالي، وتحتفظ مكتبة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بنسخة من هذه المخطوطة".
ويضيف علي: "ينقل المؤرخ عبد الرزاق الحسني في كتابه (تاريخ العراق) أن الإمام الحسين (ع) أرسل عون بن عبد الله مع الصحابي حبيب بن مظاهر الأسدي لاستنهاض قبيلة بني أسد لنصرة الإمام، وبالفعل التحق نحو 90 فارساً بمعسكر الحسين، غير أن عبيد الله بن زياد أرسل قوة اعترضت طريقهم، فاندلعت معركة استشهد فيها عون (ع) ومن معه".
تاريخ الإعمار
يشير السيد عبد الله عمران علي، الأمين الخاص للمزار، إلى أن المرقد كان في البداية غرفة صغيرة من الطين، يحيط بها صندوق خشبي، وتفتقر المنطقة إلى طرق سالكة للزائرين، إلى أن بدأ الإعمار مطلع القرن العشرين على يد أحد شيوخ عشيرة المسعود.
وعن مراحل الاعمار التي مر بها المرقد يؤكد الأمين الخاص:"إن المزار شهد مراحل إعمار متعاقبة، أهمها حين انضم إلى دائرة الأوقاف عام 1968، ثم إلى الأمانة العامة للمزارات الشيعية عام 2008، التي شرعت بتوسعة شاملة شملت استملاك الأرض، وتصميم خرائط هندسية مميزة تعكس البعد المعماري والروحاني للمكان".
ويروي لنا الأمين الخاص تفاصيل هذا الصرح العمراني الاسلامي قائلًا: إن "الطراز المعماري المعتمد يمزج بين الحداثة وروح العمارة الإسلامية الأصيلة، حيث تم تشييد الهيكل الخرساني، وإنجاز الأقواس والمداخل، ومد منظومات الكهرباء والإنذار والكاميرات، بنسبة إنجاز متقدمة." مضيفًا: "إن التوسعة شملت 6 أبواب فخمة صنعت في ورش باكستانية متخصصة من خشب (موهيكان) الفاخر، مزينة بزخارف نباتية وهندسية، أبرزها (باب المراد) في الواجهة الشمالية. فضلًا عن نصب الشباك الجديد المصنوع من الذهب والفضة بأيد باكستانية ماهرة، مستوحى من رمزية جناحي جعفر الطيار (جد الإمام عون)، بالإضافة إلى إنشاء سرداب تحت الشباك مراعاة لعلو البناء، حيث يقع القبر الشريف أسفل مستوى الشارع العام بمترين تقريبًا، وأيضًا هناك صحن خارجي بمساحة 14,000م² سيتم بناؤه من الجهتين الشرقية والغربية على طابقين، بالإضافة إلى مئذنة الساعة بارتفاع 32 مترًا".
الأنشطة الدينية
أما عن زائري المرقد، وأهم نشاطاته الدينية والثقافية، فيؤكد الشيخ طالب مكي مطر، المعاون الثقافي في المزار: أن أعداد الزائرين تتضاعف في موسم الزيارة الأربعينية، حيث يُفتح المزار لأكثر من عشرة أيام متواصلة لاستقبال الوافدين، كما تقام فيه زيارة سنوية خاصة يوم 13 صفر. ويمتد النشاط الديني فيه على مدار العام، عبر برامج ومجالس ومحافل قرآنية تقيمها الأمانة الخاصة بالتعاون مع المراكز العلمية والدينية.
ويختم الشيخ حديثه بالقول: "لقد تحول مرقد الإمام عون (ع) من مكان بسيط إلى مَعلَم ديني وجمالي متكامل، يجمع بين قداسة التاريخ وفن العمارة، ويجسد روح الخدمة لزوار كربلاء". مؤكدًا أن مشاريع التطوير ما تزال مستمرة، ليبقى هذا المقام المبارك شاهدًا على خلود ملحمة الطف، ومضيئًا لطريق كل زائر يسعى إلى نور الحسين (ع).