100%
ياسر متولي
يتصدر المشهد الاقتصادي الدور الأهم والأبرز في كل المحافل الدولية والعربية من قمم ولقاءت وزيارات ووفود رسمية وغيرها من النشاطات .
يعكس هذا الواقع أهمية الجانب الاقتصادي بوصفه المؤشر الأبرز في قوة الدول، إذإن كل الجوانب الأخرى، سياسية كانت، أم أمنية، أم اجتماعية، ترتكز في حلولها على مدى قدرة اقتصاديات البلدان
على حلحلة المشكلات والتحديات التي تعصف بالمنطقة المحيطة بها وبدول العالم .
وقد درجت العادة على اصطحاب رؤساء الدول في رحلاتهم كبريات الشركات ورجال الأعمال البارزين، حيث يكون البرنامج الاقتصادي في مقدمة جدول أعمال رؤساء الدول في زياراتهم الرسمية،إيماناً منهم بأهمية القطاع الخاص في عملية مد جسور التعاون وتعميق العلاقات الاقتصادية، وفقاً لمصالح كل دولة . أقرب وأبرز نموذج صادفنا في هذا المجال، اصطحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عشرات من رؤساء الشركات العالمية إلى السعودية مع مشاركة ضئيلة للوفد الرسمي، كدليل على أهمية الاقتصاد في تعميق المصالح .
في العراق، نجح الرئيس السوداني في هذا المضمار مؤخراً، باصطحابة عدداً من رجال الأعمال الحقيقيين في زياراته لدول العالم والمنطقة، وأهمية ذلك في تسويق احتياجات العراق واجتذاب المستثمرين وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول، وهي خطوة حيوية لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة، ولا سيما في ظل التحديات العالمية المتزايدة، مثل الأزمات المالية، وتقلبات أسعار النفط، والصراعات الجيوسياسية.
من خلال إشراك القطاع الخاص ورواد الأعمال في الحوارات الدولية، يمكن للدول أن تخلق فرصاً استثمارية مشتركة، وتنقل التكنولوجيا، وتُحفز النمو في القطاعات المختلفة، ما يُقلل الاعتماد على الريع الوحيد، ويُعزز التنويع الاقتصادي، كما في حالة العراق.
كذلك، فإن التركيز على البعد الاقتصادي في الزيارات الرسمية لبلادنا يُرسل رسالةً قويةً للمجتمع الدولي مفادها أن البلاد جادة في فتح أبوابها للاستثمارات الخارجية، وإعادة إعمار بنيتها التحتية، وتوفير فرص العمل لشبابها. كما أن مشاركة رجال الأعمال في هذه الزيارات تُظهر ثقة الحكومة بالقطاع الخاص كشريك أساسي في عملية التنمية، وتُسهم في كسر الصورة النمطية عن العراق كسوقٍ محفوفٍ بالمخاطر، ما يجذب شركاتٍ عالميةً تسعى لدخول أسواقه الواعدة.
ولكي تُثمر هذه الجهود، يجب أن تترافق الزيارات الاقتصادية مع إصلاحات داخلية تُحسن بيئة الأعمال، مثل تبسيط الإجراءات البيروقراطية، وتشريع قوانين تحمي المستثمرين، ومكافحة الفساد. كما أن إنشاء هيئات متخصصة لتسهيل الحوار بين القطاعين العام والخاص، الذي في مقدمته البدء بأهمية مجلس تطوير القطاع الخاص، فضلاً عن توفير بيانات اقتصادية شفافة، ستعزز، بلا شك، من صدقية العراق كوجهة استثمارية جادة.
في النهاية، الاقتصاد هو اللغة العملية المشتركة التي يمكن أن تجمع العراق بجيرانه والعالم، بعيداً عن التعقيدات السياسية والآيديولوجيات وانغلاقات حدودها وعالمها.