علي السومري
ما إن تستمع إليه حتى تنثال عليك ذكريات قديمة، سَكينة ظهاري بغداد، مقاهيها المعتقة بالقصص، حكايات عشاقها البريئة، وكأنك في رحلة تعبُر فيها إلى زمن مضى، لم تتبق منه سوى أصداء أنغامه. يوسف عمر، قارئ المقام الأشهر، المولود ببغداد عام 1918، حيث أزقة منطقة حسن باشا ومحلاتها المنسية.
بالرغم من بداياته في قراءة وترتيل القرآن والمناقب النبوية حين كان طفلًا، إلا أن تأثير عائلته المولعة بالمقام العراقي كان كبيرًا عليه، ليتخذ من هذا اللون طريقًا له، حتى عُدّ أحد رواده، متتلمذًا، كمستمع، على أيدي كبار مطربي المقام آنذاك، ومنهم (محمد القبانجي، وأحمد الزيدان، ورشيد القندرجي، ونجم الشيخلي، وحسين كردي، وحسن خيوكة، والحاج عباس كمبر، وقدوري العيشة) وغيرهم.
بدأت شهرته من الإذاعة، بعد أن خصصت له فيها حفلات خاصة أسبوعيًا، انتشار قادهُ بعدها إلى السينما، حين اشترك في فيلم (سعيد أفندي) عام 1956، وهو العام الذي افتتح فيه تلفزيون العراق، واعتمد يوسف عمر فيه كمطرب مقامي تلفزيوني.
قدم أغاني كثيرة، وأعاد تسجيل العديد من الأغاني التراثية العراقية، حتى اعتزاله عام 1985، بعد تدهور وضعه الصحي.
توفي يوسف عمر عام 1986، تاركًا خزينًا هائلًا من الموسيقى والذكريات، أغاني كلما استمعنا إليها، نجد أنفسنا في رحلة إلى بغداد وأزقتها القديمة، ومقاهيها التي كانت، ومازالت، عامرة بالقصص.