100%
رجاء الشجيري
للموسيقى قيمة عليا في تهذيب النفوس البشرية والارتقاء بذائقتها. كيف يتعامل الشباب من الجيل الجديد معها؟ وكيف أصبح تذوقها بالنسبة لهم؟ "الشبكة العراقية" استطلعت آراء مختصين موسيقيين ونماذج من الطلبة، فكانت هذه الشهادات.
معاناة العازفين
المايسترو محمد أمين عزت، أول المتحدثين، بدا متفائلاً بقدرة الجيل الجديد، إذ قال: "يشهد العراق حالياً نهضة موسيقية ملحوظة، يقودها شباب يسعون لإحياء الموسيقى في كل مجالاتها (التراثية، والكلاسيكية، والحديثة) وتطويرها. وتتجلى هذه النهضة في تأسيس فرق موسيقية جديدة ومشاركة فاعلة في المهرجانات والفعاليات الثقافية."
وأضاف: "على الرغم من هذا التقدم، يواجه الموسيقيون الشباب تحديات تتعلق بالدعم المالي والتقبل المجتمعي. كما أن العازفين الجدد في الفرقة السيمفونية الوطنية يواجهون صعوبات في الاستقرار والتدريب، لكن التزامهم بالفن ورغبتهم في التطور واضحان، وهناك جهود حقيقية لتوفير فرص تدريبية وتحسين واقعهم المهني."
أما المايسترو علي خصاف، فتحدث بنبرة ناقدة عن تدهور الذائقة الموسيقية لدى بعض طلبة هذا الجيل، قائلاً: "الأجيال السابقة كانت أكثر التزاماً وتذوقاً، أما الآن فنواجه كوارث حقيقية، فالتطور التقني لم يُنتج بالضرورة جيلاً موسيقياً واعياً."ً
وأضاف: "أغرب سؤال سُئلته في حياتي كان من طالبة في المرحلة الرابعة من قسم الموسيقى، حين سألتني: "ما اسم هذه الرسمة التي رأسها مغلق إلى الأعلى؟ وكانت تقصد نوتة موسيقية لا تعرفها!"
ويتساءل "كيف وصلت هذه الطالبة إلى السنة الأخيرة وهي لا تعرف قراءة أو كتابة النوتة؟ بالمقابل، هناك نماذج إيجابية التزمت منذ الدرس الأول."
الجيل والتقنيات
طلال علي، رئيس قسم الموسيقى في معهد الفنون الجميلة، نائب رئيس شعبة الموسيقى في نقابة الفنانين، تحدث عن تحوّل خطير في مفهوم الموهبة قائلاً: "الطلبة اليوم يعتمدون على البرامج والتقنيات الرقمية لتصحيح الأداء، لا على تطوير مهاراتهم. وهذا خطأ جوهري، لأن الفنان الحقيقي لا يتكوّن من مؤثرات جاهزة، بل من موهبة تُصقل بالصبر والتدريب."
وأوضح: "التقيت بأشخاص جاؤوا للحصول على هوية موزع موسيقي، لكنهم لا يعرفون العزف على أية آلة، ولا يملكون أية معرفة بالنوتة، ويعتمدون فقط على برامج الحاسوب لتجميع الإيقاعات والصوت."
وأشار إلى أن "20 % فقط من الطلبة الجدد في قسم الموسيقى يمتلكون موهبة فعلية، أما البقية فدخلوا الميدان من دون أساس، متأثرين بثقافة الشارع والمكاسب السريعة، ويقيسون النجاح بما يجنونه من المال، لا من الفن."
الجوزة والكمان
لكن، برغم هذه الصورة القاتمة، تبرز مواهب شابة حقيقية، مثل عازف الكمان عبودي وسام، الذي أثار الإعجاب بإحساسه العالي وعزفه المؤثر، خصوصاً عند مشاركته في مسرحية (قطار بصرة – لندن) للدكتور مناضل داود.
يقول عبودي: "بدأ شغفي بالموسيقى عبر تعلمي العزف على آلة الجوزة العراقية، التي فتحت لي أبواب المقام العراقي والجالغي البغدادي. أما الكمان فقد عرّفني على الموسيقى العالمية وطوّر ذائقتي نحو الأطوار الريفية."
وأضاف: "انضمامي للفرقة الوطنية للتراث بقيادة المايسترو علاء مجيد أجاب عن كثير من تساؤلاتي، وأكّد لي أن الموهبة لا تكفي وحدها، بل تحتاج إلى بيئة واعية ومرشدين أكاديميين يعززونها.