100%
نينوى/عامر جليل
تصوير/ حسين طالب
كنيسة الطاهرة والدير الأعلى (سابقًا) للكلدان الكاثوليك، واحدة من ست كنائس على هذا الاسم في مدينة الموصل، كل منها تابع إلى طائفة معينة. تقع الكنيسة شمالي مدينة الموصل، ملاصقة لجدران القلعة العثمانية المسماة (باش طابيا)، التي تقع على الجهة الغربية من نهر دجلة مقابل مدينة نينوى الأثرية.
"الشبكة العراقية" زارت هذه الكنيسة التي دمرها التنظيم الإرهابي (داعش) ضمن جولاتها في محافظات العراق للتعريف بالأماكن الدينية والتراثية والأثرية بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة السياحة العربية لعام 2025، والتقت السيدة ليلى محمود صالح، منقب آثار ثالث، رئيسة لجنة الإشراف على إعمار الموقع، وممثلة عن مفتشية آثار وتراث نينوى، التي قالت: "تقع كنيسة الطاهرة للكلدان الكاثوليك، أو ما تعرف سابقًا بـ (الدير الأعلى) في محلة الشفاء بالجانب الأيمن من مدينة الموصل، وتبعد عدة أمتار عن الضفة الغربية لنهر دجلة، وتحتل مساحة تقدر بـ 3000 متر مربع تقريبًا، وتتخذ شكل مستطيل، وتقابل في موقعها هذا جامع ومرقد الإمام محسن، وتتوسط المسافة بين موقع قره سراي وقلعة باش طابيا."
تاريخ الإنشاء
تضيف صالح: "نعتقد أن تاريخ إنشائها يعود للفترة قبل الإسلام في القرن السابع الميلادي، طبقاً للملتقطات التي عثر عليها خلال رفع أرضية الكنيسة، ويرتبط الموقع بقصص تاريخية تعزز من مكانة الكنيسة وأهميتها، فضلًا عن دورها في تعزيز وحدة سكان الموصل خلال فترة حكم الجليليين، حين حاول نادر شاه وقواته اقتحام المدينة لاحتلالها، فكانت خطًا للصد اجتمعت فيه كل الطوائف لمحاربة هذا الاعتداء."
وتؤكد صالح: "جرى إعمار الكنيسة وتوسيعها خلال فترات عديدة، إما بسبب الغزوات أو بالتقادم، ولهذا نجد أن النصوص تحمل تواريخ مختلفة لإعادة إعمارها، وآخرها ما نقوم به حاليًا من إعادة بنائها وتأهيلها، كجزء من إعادة الاستقرار وتشجيع المكوّن المسيحي على العودة إلى أماكنهم السابقة وتعزيز التنوع الإثني والديني في مدينة الموصل. "
مراحل الإعمار
في السياق نفسه، ذكر السيد عواد محمد حميد، منقب آثار ثالث، قائلاً: "شمل الإعمار إعادة بناء برج الجرس ومعالجة الرطوبة العالية، لكون مستوى الأرضية ينخفض بمقدار 3 أمتار عما يجاورها من أبنية، وإعادة الجدران والملاط الجصي، وترميم حجر الفرش في المداخل والنوافذ والعقود، وكل هذا يجري بمتابعة مفتشية الآثار والتراث في نينوى لضمان تطبيق المعايير المحلية والدولية في إعادة إعمار المواقع التراثية."
يضيف حميد: "كما ذكرنا سابقًا أن إعمار الكنيسة جرى بمراحل وسنوات مختلفة ولأسباب عديدة، إذ تشير الألواح الكتابية المثبتة على واجهتها أنه جرت إعادة إعمارها وتوسعتها سنة 1872، ولوح آخر يذكر إعمارها من الداخل والخارج سنة 1932، وحسب أرشيف مفتشية الآثار والتراث كانت هناك إضافة وحدات بنائية في أجزائها الخارجية سنة 1992، وقد تضررت الكنيسة بحادث تفجير سنة 2007، ما دفع القائمين عليها إلى إعادة إعمارها مجددًا، حتى قامت عصابات داعش الإرهابية بنهب محتوياتها وتدمير الألواح الزخرفية داخلها، فضلًا عن تدمير بعض عناصرها المعمارية خلال السنوات 2014 - 2017. والهدف من إعمارها بالدرجة الأساس -كما أسلفنا- هو تعزيز التنوع داخل مدينة الموصل، وقد حرصت منظمة (أليف ALIPH) الممولة للمشروع على مبدأ التوازن في تمويلها لمشاريع إعادة الإعمار في مدينة الموصل، فقامت باختيار كنيستين وجامعين ضمن مشاريعها المتنوعة لإعادة اعمار المدينة."
وفود سياحية
تعود صالح لتختتم حديثها بالقول: "موقع الكنيسة هو في طور الإعمار، ولا توجد كروبات سياحية، فقط السياح الأجانب يزوروننا، وباستمرار، للاطلاع على المعالم التراثية والأثرية لمدينة الموصل."