100%
واسط / عامر جليل إبراهيم
تصوير/ مفتشية آثار وتراث واسط
تعد مدينة واسط واحدة من أقدم المدن التي تضم العديد من المواقع الاثرية ذات الأهمية التاريخية الكبيرة، لما تحويه من شواخص حضارية تعود لفترة زمنية مختلفة وحضارات قديمة، سميت المدينة بهذا الاسم بسبب موقعها الجغرافي، الذي يربط بين البصرة والكوفة.
بعد سنوات من الإهمال، بدأت واسط الأثرية تستعيد وهجها التاريخي، مع انطلاق أعمال الصيانة فيها، واكتمال بعض شواخصها المعمارية. للتعرف على أبرز معالم المدينة، ودورها في دعم المشهد السياحي والأثري في العراق، وتزامنًا مع اختيار بغداد عاصمةً للسياحة العربية لعام 2025، مجلة (الشبكة العراقية) زارت مدينة واسط والتقت السيد حسنين علي محمد حسن، مفتش آثار واسط، الذي حدثنا قائلًا:
"تقع محافظة واسط ضمن منطقة السهل الرسوبي، التي تمثل دلتا نهري دجلة والفرات، حيث يلتقي النهران ليشكلا سهلًا يمتد لنحو 650 كم من الشمال إلى الجنوب. وهي من أقدم مناطق الاستيطان البشري في هذا السهل، إذ تشير الاكتشافات إلى أن أول استيطان بشري فيها يعود إلى نحو 5600 ق.م، ما يجعلها جزءًا مهمًا من القصة الأولى لحضارة الإنسان ومنذ تأسيسها عام 83 هـ، عُدت من أبرز الحواضر الإسلامية في العراق."
قلب التراث
أما عن أصل التسمية، يقول السيد حسنين: "تعددت الروايات حول تسمية واسط، وأرجحها أنها جاءت لوقوع المدينة في وسط المسافة بين الكوفة والبصرة. وتقع أطلال المدينة حالياً جنوب شرقي مدينة الكوت بنحو 65 كم، وشمال شرقي قضاء الحي بـ 20 كم". مضيفاً: "تنتشر أطلال المدينة على جانبي نهر دجلة القديم، وتحف بها مواقع أثرية عدة تمثل مدنًا وقرى تابعة لها، كونها كانت عاصمة العراق في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان."
يؤكد السيد حسنين: "إن المؤرخين اختلفوا حول تاريخ بناء المدينة، لكن الراجح أن ذلك جرى بين عامي (702–705م)، في أواخر حكم عبد الملك بن مروان، إذ استأذن الحجاج الخليفة في بنائها.
وتابع: تُعد واسط خامس مدينة تمصّرت في الإسلام بعد البصرة، والكوفة، والفسطاط، والقيروان، وثالث مدينة في العراق بعد البصرة والكوفة. بينما يذهب الأستاذ المعاضيدي إلى أن تأسيسها كان بين عامي 81–82 هـ، مستندًا إلى رواية اليعقوبي الذي ربط البناء بانتهاء حركة عبد الرحمن بن الأشعث."
بوابة المدينة
حول أبرز معالم المدينة، يوضح السيد حسنين: "أن بوابة واسط التي تُعرف باسم (باب المدرسة الشرابية)، وتقع في الركن الشمالي الشرقي للمدينة، وترتفع إلى 11 مترًا، من المواقع الأثرية المهمة في المدينة، وهي تضم منارتين مبنيتين بالآجر، إحداهما جوفاء ومزينة بزخارف نقشت بدقة، والثانية صماء وأقل حجمًا وخالية من الزخارف. وتوجد خلف البوابة وأمامها غرف غير منتظمة، من بينها غرفة مثمنة تحتوي على محراب صغير، وتعلوها على الأرجح قبة عالية، ويُعتقد أنها تضم قبر إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)."
عودة الحياة
(الشبكة العراقية) التقت أيضًا السيدة غفران جعفر عزيز عبد الحسين، منقبة آثار ثالث وإحدى أعضاء لجنة الصيانة، التي حدثتنا قائلة: "شهدت المدينة حملات صيانة عدة منذ عام 1937، ثم في أعوام 1941 و1965 و1992، وآخرها في عام 2022. وقد قامت الهيئة العامة للآثار والتراث بأعمال جوهرية ساهمت في الحفاظ على المدينة من الاندثار. موضحة: "إن أعمال الصيانة الأخيرة شملت إزالة الأنقاض من الوحدات البنائية المحيطة بالبوابة، واستبدال الآجر المتضرر بمواد مشابهة للآجر الأصلي، باستخدام الجص والنورة كمواد رابطة. كما تم ترميم الزخارف وإعادة بناء أجزاء من البرجين الشرقي والغربي، وإنشاء ممشى وحفر آبار لتصريف مياه الأمطار."
التراث العالمي
واختتمت عبد الحسين حديثها قائلة: "أُعدت لائحة تمهيدية لإدراج مدينة واسط ضمن قائمة التراث العالمي، لما تمثله من قيمة تاريخية وحضارية كبرى، وما تتميز به من طراز معماري إسلامي فريد وتخطيط عمراني يعكس مكانتها كواحدة من أهم الحواضر العربية الإسلامية في العراق."