رجاء الشجيري /
بدأ نجارًا، ثم انطلق نحو رحلة فن مختلفة من خلال الرسم والنحت التقليديين، وربطهما بفن إعادة التدوير والاستدامة لكسر النمطية والقوالب الجاهزة. إنه الشاب الرسام والنحات سلمان كريم، وقصة نجاحه الاستثنائية، ولوحاته التي تجسدت وتشكلت من (البراغي، والمسامير، والخيوط، وسدادات المياه، وأزرار الكيبورد، والخرز، والقصب). ففي فن (البكسل) وجد ضالته وتوليفته كمحطة انطلاق أولى. بداية وهوايات بعد مهنة النجارة، كانت لسلمان توجهات فنية عدة، بدأها بالصابون والسكين، فهما كانا الأسهل دون ورشة أو مشغل أو أدوات غير متوفرة، ولاسيما أنه من عائلة غير فنية، لذلك كانت هناك بعض الإخفاقات والتعثرات كبداية، إلا أن إصراره على ما عزم كان أقوى، فبدأ بخلق أشكال مختلفة نحتها على الصابون ثم على الخشب والحصى، ما بين رسم ونحت. يقول سلمان: أرى الفن عبارة عن بيت كبير متكامل، وفيه مجموعة غرف، وهذه الغرف هي التي تجذب اهتمامنا ومواهبنا وتطلعاتنا في اختيارنا لها، لذلك طرقت باب أكثر من واحدة منها، فكانت الكتابة والشعر وفن الإلقاء -مثلًا- ضمن الغرف، وكذلك تجربتي في فن المكياج السينمائي، والرياضة وكمال الأجسام، ومشاركتي في البطولات، وغيرها. بين الموهبة والأكاديمية وعند سؤاله أيهما أهم: الموهبة الخام أم الدراسة الأكاديمية للرسام أو النحات؟ يجيب كريم: الفنانون والمبدعون قسمان، الأول حبه وموهبته كل ما يملكه، والثاني يُولد مع الفن عبر عائلته ومحيطه. لست مع الفطرية وحدها تمامًا كمعيار للنجاح، ولا مع الأكاديمية البحتة أيضًا، فالأمثلة كثيرة منها النحات (منعم فرات)، الإنسان القروي البسيط الذي لم يدرس أي شيء، وكان من أجمل وأهم النحاتين، كذلك المنحوتات الموجودة بالمعابد في مصر والعراق، والروعة المتناهية في نحتها، بالرغم من عدم معرفة مبدعيها أية معلومات فنية كما هو موجود اليوم. مضيفًا: نحن في أمس الحاجة، كمفكرين وفنانين، إلى طرح أفكار جديدة ومغايرة، ننجو بها من واقعنا المرير نحو خلق وبث الحياة. معوقات وتحدٍ أما عن المعوقات التي تواجه أية موهبة وعمل إبداعي، يقول سلمان: عادة تبدأ المعوقات بالنفسية بين الفنان وذاته، وهي الأصعب، أما الأخرى فتتمثل بالعائلة، سواء في مساندتها والتقبل من عدمه، ثم المجتمع ودعم الدولة، وحسب أين أنت ومكانك في الكرة الأرضية. اختار سلمان في بدايته لوحات عالمية لسهولة معرفتها من قبل الناس، مثل أعمال دافنشي، وفان كوخ، ولوحة (ذات الأقراط) وغيرها، لكنه بدأ يركز بعد ذلك على تاريخ العراق وشخصياته الرائدة من مفكرين وشعراء، أمثال علي الوردي والجواهري والسياب وأحمد مطر، ذاكرًا أنه كان أمام تحدٍ أخلاقي وفني ثقافي في تسليط الضوء على هذه الشخصيات وإحيائها بين الشباب. أكياس الشاي "لوحاتي هي تعبير عن ذاتي وأفكاري بكل سلبياتها وإيجابياتها وتسخيرها في خلق فني عبر روح الجمادات والأشياء ونثرها بطريقة غير تقليدية." هكذا يستطرد سلمان حديثه، مع ذكره لآخر أعماله قائلًا: "آخر أعمالي كانت عبر أكياس شاي (ليبتون)، التي أخرجها وأنظفها وأفرغها من الشاي وألصقها بطريقة فنية عبر فن (البكسل)، الذي هو أقرب الفنون إليّ حاليًا ضمن ابتكاري للأشكال، فهو يجعلني أقوم بأخذ أكثر المواد غرابة وأصنع لوحاتي ومجسماتي منها، وهذا النمط والستايل قابل للتغيير، فأسلوبي وأدواتي ليسا ضمن قالب وجهة معينة فقط، بل هما قابلان للتغيير والابتكار والتجديد.