100%
خضير الحميري
هذه الكلمة لديها الكثير من المرادفات التي تحمل ذات الدلالة (الشلّالية)، لكنها الأكثر شهرة، واستخداما بين رديفاتها (اخبنها، شربتها، لزّكها، اسلكها) تقال للتعبير عن إنجاز العمل (أي عمل) كيفما اتفق، بعيداً عن الدقة والمهنية، وترد بتعابير وجمل استخفافية مختلفة. ولا أعرف كيف جرت استعارة (مهنة الخبّاز) العسيرة لتضمينها هذه الدلالة (التلطيشية)، وهي مهنة محترمة لا غنى عنها يتعامل معها الناس بتقدير كبير، لأنهم يلمسون عياناً متاعبها ومصاعبها. فمن جرّب عمل الخبّازة أو الخبّاز الحقيقي والوقوف أمام فتحة التنور المتوهجة يدرك أن (إنتاج الخبز) والتعامل مع لهيب التنور عملية شاقة تتطلب مهارات خاصة من الدقة والتحمل.. وإرضاء الزبائن.
ولذلك تحتار حين يخبرك شخص طلبت منه القيام بعمل معين فيجيبك (هسّه اخبزلكياه بساعتين).. هل يقصد بأنه سوف يحرص على تحميصه وإنضاجه كما يفعل الخبّاز؟ أم يقصد المعنى التلطيشي الموازي؟ وكذلك حين تسمع من يقول وهو يقف أمام شارع مبلّط حديثاً (خوش خبزوه بسرعة)، هل يقصد أن الشارع مر بكل المراحل التي يمر بها الخبز من عجن وتخمير وتشنيك ثم خبز وإنضاج وتجهيز؟ أم أنه يقصد المعنى الشلّالي؟!
ومن يدقق في نتائج الكثير من المشاريع المستعجلة، يدرك أن هذا (التعبير) يُعتمد أحياناً في التنفيذ على صعيد القطاعين العام والخاص معاً، فالبناء الذي تظهر عيوبه سريعاً بعد فرحة التدشين.. (خابزيه خَبز)، والجسر الذي تتململ (جويناته) بعد شهر أو أشهر من أعمال الصيانة.. (خابزيه خبز)، والتبليط الذي يبدأ بالتموج في أول صيف.. (خابزيه خبز)، والعمارة السكنية التي تسوق شققها بالشيء الفلاني ثم (تخر) من أول مطرة.. (خابزيها خبز).

