ورش التمثيل والإخراج والكتابة.. تمثيل باهر ومناهج هوليودية

رجاء الشجيري ما بين أساليب تمثيل قديمة وأخرى أكثر حداثة، تشهد الساحة الفنية في العراق ولادة ورش لتدريب الممثلين، ضمن مناهج أجنبية متعددة لمواكبة كل ما هو جديد في التكنيك والإخراج وكتابة النص، تشمل مختلف الفئات من المحترفين والهواة. ولتسليط الضوء على هذه الجهود، استطلعت (الشبكة العراقية)، آراء عدد من المتقدمين في واحدة منها، عبر أسئلة، من بينها: ما الذي قدمته هذه الورش لهم؟ وكيفية استثمارها؟ وهل يمكن عدّها إضافة لما يمتلكونه من مهارات؟ بداية الفكرة المخرج، محاضر الورشة، علي فاضل، تحدث عن المشروع قائلاً: "منذ سنتين وأنا عازم على المضي في تقديم هذه الورشة، لكنها ظلت طي التأجيل، ومن أجل أن تكون مثمرة، اطلعت على مناهج الغرب في التمثيل، وما شجعني على البدء بها، زيارة الممثل المصري (محمد أمين) إلى بغداد، الذي كان لديه برنامج اسمه (الورشة)، ورشة كوميدية. تكلم معي عن نمط معين اشتغل عليه ضمن منهج في التمثيل اعتمدوه في أميركا." موضحاً أن هذه الفكرة ظلت ملازمة له، ليباشر بدرس وترجمة هذه المناهج الغربية، تمكن بعدها من عمل (ميكس) بين أفكاره والمناهج الأجنبية. مضيفاً: "ورشتنا كانت ضمن فئات المحترفين والهواة والممارسين، لكن فئة المحترفين هي الأصعب، لأنني أقدمها لممثلين لهم أدوار بطولة ممن حصلوا على جوائز، ويمتلكون خبرة كبيرة، وقد وجدتهم أكثر تفاعلاً في الورشة خلال العشرة أيام والمحاضرات التي كانت ما بين النظري والعملي." كما بيّن (فاضل)، في حديثه لـ (الشبكة العراقية)، وجود ورش اخرى سيقوم بها، للإخراج وكتابة النص، معرباً عن أسفه لوجود خمسة كتب مختصة بطرق الكتابة، من أصل سبعة كتب، غير مترجمة، وبأن أزمة النصّ ليست عراقية وإنما عربية إقليمية، ما يدفعه للشروع فيها. محرك استفزازي أما الممثل والمخرج السينمائي، بشير الماجد، أحد المشاركين في الورشة، ضمن فئة المحترفين، فتحدث عنها قائلاً: "الورش التمثيلية تقليد متبع في العالم، لما لها من أثر كبير في تشغيل أدوات الممثل، بغض النظر إن كان الممثل دائم الحضور أو متقطعه." عاداً إياها محركاً استفزازياً لتنشيط أدوات الممثل من ناحية، وفهم ما يدور من نظريات نقدية أكاديمية من ناحية أخرى. موضحاً: "الممثل ليس آلة تدور وفق برمجة منمّطة، بل أنه كائن يتأثر بما حوله إحساساً وتقنية." (الماجد) أشار إلى أنه قد لا يسعف الجميع (الممثلين) في مواكبة سبل تطوير أدواتهم، وهذا ليس عيباً بحسبه، لكن مع وجود فرصة مثالية لإعادة ترتيب الأدوات ومفردات الخطاب، يصبح لزاماً عليهم خوض التجربة، ولاسيما أنها تشكل تفرداً بالطرح، ناتجاً عن جهد ليس بالبسيط من قبل محاضر الورشة، الذي استقى مفاهيم جديدة لخطاب الممثل، وقدمها بشكل حديث يتماشى مع مفاهيم أكاديمية عالمية وعربية. مضيفاً: "لا أخفي مقدار سعادتي وأنا في مختبر يحلل طاقاتي ويعرفني عليها أكثر، فالورشة لا تعني أنك خالي الوفاض، بل تسهم في تنشيط المناطق الرخوة الكسولة عند الممثل." مبيّناً: "قد يرى بعض من (المحترفين) أنهم ليسوا بحاجة لتلك الورش، ويكتفون بما لديهم من إنجاز، لكن تحديث الأدوات، والتعرف على نظريات جديدة في التمثيل أمر لابد منه، إذ إنه يسهم في زيادة الوعي لمفاهيم جديدة قد تكون غائبة عنا." متلق لماح "إن ما قدم في الورشة ليس بالصادم تماماً، إذ اكتشفنا أننا كنا نعمل بجزء منه دون دراية." هذا ما ابتدأ به الفنان غسان إسماعيل حديثه عن الورشة. مبيّناً أن المحاضرات عززت، وفق المناهج الأجنبية، مناطق القوة في تمثيلهم، ما أسهم بتخليصهم من بعض المشكلات التمثيلية والأزمات التي تحدث عند البدء بأي عمل درامي عراقي. مضيفاً: "أنا مؤمن ببقائنا تلاميذَ، مهما قدمنا أو تطورنا في الأسلوب والتكنيك، ضمن الأعمال المختلفة." موضحاً أن المتلقي العراقي ذكي ولمّاح، وقد أغنته فترة جائحة كورونا بخبرة وفهم للأعمال الدرامية والسينمائية لكثرة مشاهداته في تلك الفترة، ما يمكنه من اقتناص مكامن الإبداع، وتشخيص نقاط الضعف." في حين تطرّق الممثل أوس فاضل، في حديثه لـ (الشبكة العراقية)، عن دروس الورشة الكثيرة، ومن بينها الإيقاع، وكيفية الإحساس به، إضافة للارتجال وغيرها من الأساليب، مشيراً إلى أهمية إقامة دورات في إخراج وكتابة النصّ، مضيفاً: "لا يمكن للممثل أن يتطور في أدائه بمعزل عن تطور المخرج أو كاتب النصّ." نقلة نوعية الممثل أثير كشكول، أحد المشاركين في الورشة، أشار في حديثه إلى أهمية مثل هذه النشاطات لأي ممثل، لأسباب عدة، منها أن المناهج التي يعتمد عليها الممثل قديمة، وأن ما وجدوه فيها – الورشة- مناهج هوليودية جديدة، نقلت بعد ترجمتها إلى الدراما العراقية، تمثل نقلة نوعية ومهارات جديدة ستضاف للممثل العراقي، ما يؤهله أن يكون ممثلاً بأداء عال. يضيف كشكول: "بصورة عامة، كل جديد يبدأ في نطاق ضيق ثم ما يلبث أن يأخذ مداه وانتشاره، وأنا واثق من انعكاس هذه المناهج وتأثيرها على الممثل المشارك، الذي سوف يشجع بقية الممثلين على الانضمام ومواكبة مثل هذه الورش." تطوير الأداء مريانا مايكل، ممثلة من الجيل الجديد، قالت في حديثها لـ (الشبكة العراقية): "أنا محظوظة لمشاركتي في الورشة." مبيّنةً أن الطريقة التي قدمت فيها المحاضرات، طورت من أدائها، مضيفةً: "علماً بأنني دخلت في ورشة لمدربة مصرية، العام الماضي في بغداد، لكن تفاصيل هذه الورشة مختلفة تماماً من حيث المناهج والأسلوب وبعض التفاصيل." موضحةً أنها بدأت بتشخيص أخطائها في الأداء، ما يعزز مكامن القوة وانضاجها لديها. وعبّرت الممثلة محبة وسام، عن حرصها في الاشتراك في مثل هكذا ورش فنية، مشيرةً إلى أن مناهج الأداء التلقائي في الدراما بدأت تجذب المشاهدين، وتعزز الثقة بينهم وبين الأعمال الدرامية، مضيفةً: إن سؤال "أي مسلسل شاهدت هذا العام؟" دائماً ما يُطرق، ليأتي الجواب: أنا لا أشاهد مسلسلات عراقية! إلا أننا مؤخراً نجد في بعض الأعمال أن الممثل لا يمثل، بل يمتلك مساحة تلقائية هائلة، ما قربه من المشاهد. موضحةً أن التمثيل قبل عشر سنوات يختلف عما هو سائد اليوم، معربةً عن احترامها لأساليب استاذتها في التمثيل، قالت إنها "امتداد لهم"، ولكن – بحسبها – فإن "كسر الكلاسيكية ومواكبة الحداثة وإقناع المتلقي غايتنا حالياً."