بغداد: الشبكة العراقية /
عُقد مؤخراً في العاصمة العراقية بغداد، مؤتمر الكاربون الدولي بمشاركة إقليمية ودولية على مستوى الخبراء والأكاديميين وصنّاع القرار في العراق وخارجه، لمناقشة تحديات وفرص إدارة الكاربون والتحول نحو الاقتصاد الأخضر. وسلّط المؤتمر، الذي أقيم تحت شعار ("الكاربون من أجل التنمية)"، الضوء على الجهود الوطنية والدولية في تقليل الانبعاثات الكاربونية، وتعزيز الابتكار في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا البيئية. رؤية شمولية وفي كلمة ألقاها خلال انعقاد المؤتمر، أكد وزير النفط، حيان عبد الغني: أن العراق ماضٍ نحو التحول في مفهوم الطاقة التقليدي إلى رؤية أكثر شمولاً تستند إلى الاستدامة البيئية والتوازن الاقتصادي والمسؤولية الاجتماعية، مبيناً أن خفض الانبعاثات الكاربونية يمثل خياراً وطنياً وضرورة اقتصادية. وأضاف أنه "يمكن تحويل خفض الانبعاثات الكاربونية الى فرصة حقيقية لجلب التمويل والاستثمار، وتطوير التكنولوجيا من خلال آليات سوق الكاربون وسندات الكربون." كما أشار عبد الغني إلى أنه "سيتم افتتاح أول محطة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية بطاقة 250 ميغاواط مع نهاية هذا العام". واعتبر أن "هذا المؤتمر يمثل حلقة مهمة في سلسلة الجهود الوطنية الرامية إلى بناء اقتصاد منخفض الكاربون، ورفع جاهزية العراق للانفراد في آليات القيادة المناخية بما ينسجم مع التزاماتنا في اتفاق باريس للمناخ". التزام بيئي حكومي بدوره، قال وزير البيئة، هه لو العسكري، في كلمة افتتاح المؤتمر، إن "انعقاد مؤتمر الكاربون الأول حدث غير مسبوق في العراق ويشكل علامة فارقة في مسار الدولة بالقضايا البيئية والمناخية". وأضاف أن "العراق يواجه تحديات بيئية كبيرة، تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، وقلة الأمطار، وشح المياه، وانخفاض منسوب المياه في الأنهار والمسطحات المائية، ما أدى إلى تراجع ملحوظ في التنوع البيولوجي، وازدياد نسبة التصحر." موضحاً أن "هذه العوامل دفعت الحكومة العراقية إلى الاهتمام بالملف البيئي والقضايا المتعلقة به، إذ إن أحد أبرز إنجازات حكومة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، هو تأسيس الشركة العامة لاقتصاديات الكاربون في وزارة البيئة". فيما اقترح محمد صاحب الدراجي، مستشار رئيس مجلس الوزراء، في كلمة ألقاها خلال المؤتمر، إنشاء سوق إقليمي لتبادل سندات الكاربون بقيادة العراق، لما له من عوائد مالية للبلاد تصل إلى نحو 100 مليار دولار خلال عقد من الزمن. ودعا الدراجي "إلى تأسيس سوق إقليمي لتبادل سندات الكاربون من خلال منصة تسمى منصة (تبادل) يقودها العراق". مكافحة الملوثات البيئية وكشف محافظ البنك المركزي، علي العلاق، في كلمته، عن تفاصيل مبادرات البنك المركزي لمكافحة الملوثات البيئية ونشر المساحات الخضراء، فيما أعلن عن تبرعه بمبلغ نصف مليار دينار لكل معمل طابوق للتحول نحو الطاقة النظيفة، و350 مليار دينار ضمن مبادرة التشجير الحضري. وقال العلاق "أود أن أذكر مجموعة من المبادرات التي اتخذها البنك المركزي العراقي ضمن سلسلة من الحلول والإجراءات المبتكرة التي تساهم في تخفيف التحديات البيئية المباشرة، ومن ضمنها قدم البنك المركزي، بالتعاون مع اللجنة العليا للإقراض في مجلس الوزراء، مبادرة بمبلغ واحد تريليون دينار للتحول من استخدام مصادر تقليدية إلى الطاقة المتجددة وخفض انبعاثات الكاربون لتحقيق التنمية المستدامة". وأشار إلى أن "القروض الممنوحة للمشاريع ذات الطابع البيئي والمستدام ضمن هذه المبادرة مشاريع تتعلق بإعادة تدوير النفايات، هذه المشاريع فعلاً تم تمويلها، ومن بينها إدارة مشروع زراعة النخيل، وحقول أبو غار في بادية السماوة ومشروع البيت الأخضر". وبين العلاق "كما عملنا في البنك المركزي، بالتعاون مع البنك الدولي، على تطوير نموذج للتمويل الأخضر وتبنيه ضمن خريطة طريق الاستدامة المالية المعتمدة لدينا للسنوات من 2023-2029". وتابع " قدمنا دعماً لصندوق تحسين البيئة لمواجهة تلوث الهواء بمبلغ مليار دينار للمساهمة في انتشار المساحات الخضراء وتقليل الانبعاثات الملوثة للبيئة". عقد تفاهم جدير بالذكر أن المؤتمر، الذي استمرت أعماله ليومين، أقيم برعاية رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وإشراف وزارة البيئة، بالتعاون مع وزارة النفط والبنك المركزي العراقي، وبحضور عدد من الوزارات والجهات الحكومية المعنية، بالإضافة إلى جمهور متعدد من الشركات العالمية. وتضمّنت فعالياته عدة جلسات نقاشية وورش عمل ركزت على محاور متعددة، وتم توقيع عقد تفاهم مع عدد من الشركات، ومنها شركة أولفن لاستثمار ما يقارب 2 مليون باوند.