100%
مصطفى ناجي
حتى مع كتابة هذا الموضوع، لا يبدو أن المسؤولين يفكرون بحلول منطقية لوقف عمليات هدر المياه، لأنهم مازالوا يعتقدون أن الأمر يتعلق بالتوعية الإعلامية للمواطنين بأهمية المياه. وبينما تشهد العاصمة بغداد وبعض مراكز مدن المحافظات شحة في المياه العذبة،
تبذل أمانة بغداد، وبلديات عدد كبير من المحافظات الجهود في توفير تلك المياه، التي تهدر. ولاسيما في موسم الشحة، وتحديداً فصل الصيف، بطرق متعددة منها ترك صنابير مياه المنازل مفتوحة لمبردات الهواء أو غسل مداخل البيوت والسيارات بالماء العذب، ما يعد خسارة اقتصادية تتطلب جهوداً مشتركة للحد منها.
يقول المختص في الشأن الاقتصادي أحمد مكلف إن "العراق يشهد انخفاضاً وتراجعاً في كميات المياه الداخلة إليه ونقصاً في حصته المائية من قبل دولة المنبع (تركيا)، ما يدعو الى اتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، وتكثيف الجهود الدبلوماسية للضغط على تركيا لزيادة الإطلاقات المائية الى العراق."
انخفاض المناسيب
أضاف مكلف في حديثه مع "الشبكة العراقية": "لقد بلغت نسبة التراجع في كميات المياه الداخلة للعراق الى ما يقارب الـ 50 بالمئة، بحسب وزارة الموارد المائية، نتيجة قيام إيران بتغيير مسارات بعض الروافد التي تصب في نهر دجلة، الى جانب انخفاض كميات الأمطار المتساقطة خلال السنوات الأخيرة بسبب التغيرات المناخية، ما أثر في الخزين الستراتيجي من المياه الجوفية."
ورأى أن "كميات المياه التي توفرها الدولة للاستهلاك البشري، ستمثل مشكلة متفاقمة لها تداعياتها على الزراعة، في وقت يجري وضع خطط لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل ونسبة الأراضي المزروعة، وتمتد المشكلة لتشمل قطاع الكهرباء، التي تعتمد على مياه السدود في توليدها."
وبيّن مكلف "ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة على جوانب متعددة، منها التحرك الدبلوماسي، وحملات توعية الجمهور، وخطط لمحاسبة المتسببين بالهدر المائي من خلال وضع عدادات لقياس كميات المياه واحتساب أجورها شهرياً، لا كما هو معمول به حالياً، من تقديرات تبلغ 100 ألف دينار سنوياً موزعة على ستة أشهر."
معالجات الماء
من جهته، يقول المهندس في مشروع ماء الرصافة محمد الوردي لـ "الشبكة العراقية" إن "أمانة بغداد تنفق الأموال الطائلة على شراء وتوفير مواد التحلية والتنقية والتعقيم لمياه النهر الخام لتزود بها المواطنين كمياه محلاة صالحة للشرب."
وعن سبب استخدام مادة الكلور وانتشار رائحتها المميزة في مياه الإسالة بين الوردي أن "سبب ذلك يعود الى الملوثات الصناعية التي تلقيها المعامل، الى جانب المياه الثقيلة لمصافي النفط التي تصرف الى الأنهار، فضلاً عن المخلفات الطبية التي تلقيها المستشفيات مباشرة في النهر وسط غياب الإتلاف الصحي لها، ولعل السبب الآخر هو تصريف مياه المجاري الى النهر بعيداً عن محطات التحلية وإعادة تدوير المياه."
ولفت الى أن "إهدارها دائماً يكون بسهولة من المواطنين دون التفكير بكل هذه التفاصيل، ولاسيما ربات البيوت اللائي يتركن مياه الحنفية مفتوحة دون انقطاع طيلة وجودهن في المطبخ." مؤكداً أن "نظام العدادات معمول به في كل دول العالم، إلا في العراق، وقد نعرف أو لانعرف السبب..!"
مواجهة التحديات
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة محمد الهنداوي: "هناك إجراءات وسياسات مهمة يمكن اللجوء إليها لنكون بمستوى مواجهة تحديات نقص المياه العذبة."
وأوضح الهنداوي لـ "الشبكة العراقية": "لعل أهم تلك الإجراءات هو ترشيد الاستهلاك، الذي يتطلب حملات توعية واسعة للجمهور تبين مخاطر هدر المياه، بهدف تعديل نمط استهلاكهم." مشيراً الى أن "هذه الحملات تتطلب مشاركة جميع القطاعات والدوائر ذات العلاقة لتحقيق الغاية المنشودة."
طرق الري القديمة
وأشار الى "ضرورة تبديل وسائل الري القديمة بأخرى حديثة، كونها تكبد البلد خسائر كبيرة في كميات الماء، وثالثها إعادة النظر بـالخطة الزراعية، والسعي الى التركيز على المحاصيل الستراتيجية ذات الاستهلاك المائي الأقل، مقابل الاستغناء عن محاصيل أخرى".
ودعا الهنداوي القائمين على هذا الملف الى "إيلاء سدود تجميع مياه الأمطار اهتماماً استثنائياً، لتحقيق أقصى استفادة من موسم الأمطار، فضلاً عن إكمال مشاريع السدود الكبيرة غير المنجزة، والخطوة الأخرى تفعيل العلاقات الدبلوماسية لممارسة الضغط على البلدان المتشاطئة معنا للحصول على حقوق العراق المائية كاملة، حتى إن تطلب ذلك استخدام الضغط التجاري، لضمان توفير المياه في السنوات المقبلة، التي سنشهد خلالها زيادات واضحة في عديد السكان."
وكان مدير مركز بحوث السوق وحماية المستهلك الدكتور محمود عبدالله جاسم قد ناقش موضوع (تلوث المياه واسس معالجتها) مع مجموعة من باحثي المركز، في عدة جوانب نظرية للتعرف على اسباب تلوث المياه والطرق المتبعة في ازالة او تقليل التلوث واهم التقنيات الحديثة المستخدمة في المعالجة.
وقال في الندوة التي نظمها المركز وحضرتها "الشبكة العراقية": "يمكننا ان نعرف تلوث المياه بانه اي تغيير فيزيائي او كيميائي في الماء، يؤثر سلبا على الكائنات الحية بشكل كبير".
واضاف "اصبحت مشكلة تلوث المياه مشكلة عالمية ولابد ان تتكاثف الجهود الدولية والمجتمعية من كل المؤسسات والافراد من اجل وضع الحلول وزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة ومواردها وخاصة المياه، من انواع التلوث التي اصبحت تهدد الكائنات الحية لتحقيق الاستدامة في النظام البيئي."