100%
رجاء الشجيري
مع انتهاء الامتحانات ونهاية السنة الدراسية، هل سيهرع الطلبة للنوم الطويل، وقضاء الوقت المتبقي على شاشات أجهزتهم وهواتفهم؟ أم أن هناك توجيهاً لهم من أسرهم، أو ذواتهم، لاستثمار أوقات العطلة باهتمامات ومواهب ينطلقون نحوها؟ (الشبكة العراقية) استطلعت آراء طلبة تحدثوا عن كيفية قضاء أوقات عطلتهم، إضافة إلى آراء أولياء أمورهم، مع تقديم نماذج لمشاريع وُظفت لترفيههم ودعم إمكانياتهم.
هوايات ومواهب
فيصل مهند عبد اللطيف، طالب ثانوية، يذكر لنا كيف يقضي أوقات عطلته فيقول: "في كل عطلة نهاية السنة أمارس ما أحب من هوايات، منها لعب كرة القدم مع أصدقائي وتشكيل فرق فيما بيننا مع اشتداد المنافسات. فالعطلة أنتظرها بفارغ الصبر لأنها السبيل الوحيد لممارسة هوايتي. كذلك السباحة، فإنا أحبها كثيراً ومواظب عليها، إضافة إلى قراءاتي والتحضير المُبكّر من أجل الامتحانات التنافسية للقبول في مدرسة المتميزين، لأنها هدفي إلى جانب هواياتي."
أما ملاك أحمد، فلها مواهب واهتمامات مختلفة، فهي منذ سنتين تحضّر في العطلة بروفات مع فرقة موسيقية محترفة لتشارك في مهرجانات، إذ تمتلك ملاك صوتاً جميلاً. تقول: "الرسم والغناء عالمان أعشقهما بشغف، وقد شجعتني والدتي كثيراً على الاستمرار فيهما. ففي الرسم كان الحافز الرئيس كيف أرسم شخصيات (الأنمي) والكارتون وخلق عالم جديد بيدي ومخيلتي. كذلك القصص والقراءة لهما حصتهما في العطلة أيضاً. وهكذا، فإن أيام العطلة لدي موزعة ما بين الغناء والرسم والقراءة إلى جانب تعلم فن الطبخ مع والدتي."
وفي غمرة الفرح، وأنا أتحدث مع نماذج من الطلبة، وبصيص أمل في مداومة حبهم لقراءة الكتب، بعيداً عن عولمة الهواتف، كانت الطالبة حور وليد فرحان ممن تحدثوا عن قضاء أوقات عطلتهم في عوالم الكتب، إذ قالت: "أقضي أغلب وقتي في العطلة الصيفية بقراءة الكتب والروايات. أتذكر عندما ذهبنا أنا وأبي إلى المتنبي، فاشتريت كتاباً اسمه (نيلز والمغامرات العجيبة). هو كتاب جميل شعرت بسعادة حين اخترته وقرأته. كذلك أحب أن أختار كتباً من دار المدى، فأنا أحب هذه الدار كثيراً، كما أحب اقتناء الكتب التي تناسبني من معارض الكتب."
جوائز ودعم
التربوية ميثاق فاضل تحدثت عن الأجواء والدعم اللذين تقدمهما لأولادها في كل موسم عطلة صيفية، بالقول، "كنت أهيئ مرسماً صغيراً لهم في البيت، ينمّون موهبتهم فيه ويرسمون أفكارهم، وكنت أرصد مكافأة معينة مع كل رسمة تشجيعاً لهم، وهكذا أصبحت ابنتي زهراء رسامة الآن."
وتضيف: "كنت أحثهم أيضاً على تخصيص ساعتين من اليوم لقراءة كتب مفيدة، مع إعطاء جوائز مالية أو معنوية عن كل كتاب يكملون قراءته. فابني مصطفى، كنت أعطيه بعد انتهاء كل كتاب مبلغ خمسة آلاف دينار. إضافة إلى تشجيع وتحفيز روح (المزارع الصغير) فيهم، من خلال المشاركة في زراعة بعض الأصص والسنادين، وانتظار نتيجة عملهم. كما حفزت روح (المهندس الصغير) أيضاً بشراء بعض المكعبات والأشكال المجسّمة لهم، لعمل صور وأشكال مختلفة يبتكرونها بمخيلتهم. أما ابنتي شمس، فهوايتها عالم الطبخ، وهي تساعدني في إعداد الحلويات ومختلف الطبخات، وهي خليفتـي حالياً، وبإبداع، في المطبخ."
المخيم الصيفي
من بين المشاريع التي قُدّمت لاستثمار أوقات ومواهب الطلبة، كان (المخيم الصيفي) الذي تحدثت عنه صاحبته التربوية براء الإمارة من البصرة، قائلة: "بدأت فكرته عام 2017، ولكوني مديرة مدرسة وأعمل في المجال التربوي، فمن واقع عملي بدأت ألاحظ تخبط الطلبة في اكتشاف وتنمية مواهبهم واستغلال وقت فراغهم. فالطالب في العطلة الصيفية إما أن يقضي وقته في النوم أو في الألعاب الإلكترونية. معظمهم يعود بعد انتهاء العطلة الصيفية وبداية العام الدراسي الجديد وهو متعب ومجهد بسبب السهر الطويل واللعب المستمر، الملاصق لشاشات الأجهزة الإلكترونية، دون أية استفادة من عطلته."
وتضيف: "بدأ مشروعنا (المخيم الصيفي) لمساعدة الطلبة في اكتشاف مواهبهم، فتوجّهت إلى فندق البصرة الدولي (الشيراتون سابقاً) – وكان مغلقاً – وتعاقدت مع إدارة الفندق على تأجير المساحة الخلفية له التي تحتوي على مسبح، وملعب تنس، وملعب كرة قدم، وساحات خضر، وحديقة ألعاب، إضافة إلى قاعات قسّمتها إلى ورش فنية وعملية، وقاعة لتعليم الموسيقى. وانطلقنا، وكان الإقبال كبيراً ومفرحاً منذ السنة الأولى، إذ بلغ الحد الأقصى لقبول واستيعاب أعداد المتقدمين من الطلبة 300 طالب في الشهر الواحد، ولكن الطلبات وصلت إلى 1500 طالب شهرياً."
وتؤكد (الإمارة): "في السنة الثانية للمشروع، أصبحت كل مدارس البصرة تعتمد مشروع المخيم الصيفي في العطلة لكي يبتعد الطلبة عن الإلكترونيات، وهذا كان الهدف من مشروعي الذي أخذ صداه. ووسعنا النشاطات لتشمل إضافة إلى كرة القدم، الكرة الطائرة، والمنضدة، وألعاب الجمناستك للبنات."
وتابعت: "عانينا في الاستمرار بالتعاقد السنوي مع فندق البصرة الدولي، فبحثت عن مكان آخر، وقمت باستئجار مسبح الجامعة في البصرة، وهو عبارة عن ملعب وساحة ومكان أصغر من الفندق، لكنه أدّى الغرض لكيلا يتوقف المشروع. وفي السنوات اللاحقة، بدأت أُكيّف بناية مدرستي بهذا الاتجاه، حيث وفّرت في داخل المدرسة مسبحاً وملعباً، وفتحت قاعات للورش الفنية، وهكذا وظّفت كل مستلزمات المخيم الصيفي داخل المدرسة لنستمر في خدمة الطلبة في كل عطلة صيفية."