بغداد: أحمد رحيم نعمة /
أخيرًا، وبعد طول انتظار، جرى الإعلان الرسمي عن التعاقد مع المدرب الأسترالي غراهام أرنولد لقيادة المنتخب الوطني العراقي في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026. تعاقد جاء في لحظة حاسمة، وسط تساؤلات جماهيرية حائرة: هل ينجح (الكنغر) الأسترالي في انتشال (أسود الرافدين) من عنق الزجاجة؟ وهل يتحقق الحلم المونديالي أم تبقى الآمال حبيسة الأمنيات؟ الجمهور العراقي فقد صبره بعد الانتكاسات المتكررة، وآخرها التعثر أمام فلسطين والكويت، حين أهدر المنتخب خمس نقاط كانت كفيلة بضمان التأهل المبكر، والآن باتت المهمة أكثر تعقيدًا مع تقارب النقاط بين العراق وكوريا والأردن وعُمان. لذلك، فإن المباراتين المرتقبتين أمام كوريا الجنوبية في ملعب (جذع النخلة) ثم أمام الأردن في العاصمة عمّان تمثلان معركتي وجود لا تقبلان القسمة، وأمل ملايين العراقيين الذين لا يملكون ترف خيبة جديدة. اللحظة الأخيرة غراهام أرنولد ليس غريبًا على أجواء القارة الآسيوية، فقد قاد منتخب أستراليا في أكثر من بطولة كبرى، وتمكن من إيصال (الكنغر) إلى الدور الثاني في مونديال قطر. يتميز بفكر تدريبي صارم، وانضباط تكتيكي واضح، ويميل إلى بناء منظومة جماعية متماسكة، دون الاعتماد على نجم فردي. تعاقده مع الاتحاد العراقي يتضمن بندًا واضحًا: في حال قاد المنتخب للتأهل، سيستمر حتى كأس آسيا 2027، أما في حال الإخفاق فالعقد يُلغى تلقائيًا، ما يضعه تحت ضغوط جماهيرية وإعلامية هائلة منذ البداية. آراء متباينة مدرب الشرطة السابق أحمد صلاح أبدى تفاؤله: "أعتقد أن آرنولد مفاجأة سارة، رغم عدم عمله في منطقتنا سابقًا، إلا أن خبرته تسمح له بقيادة الأسود إلى المونديال، وسيفاجئ كوريا والأردن." في المقابل، الصحفي الرياضي محمد خلف بدا أكثر تحفظًا، إذ قال: "إنجازات آرنولد ليست كبيرة، وقد سبق أن خسر من البحرين وتعادل مع إندونيسيا، ثم ابتعد عن تدريب استراليا لفترة. الآن، تولى المهمة في وقت ضيق جدًا، وهذا أشبه بالمهمة الانتحارية. كاساس بقي عامين ولم يستقر على تشكيلة، فكيف بمن يتولى القيادة لعشرة أيام فقط؟" المدرب جابر محمد أشار إلى توافق تكتيكي بين أسلوب آرنولد وطريقة لعب منتخب العراق حاليًا: "أسلوبنا يعتمد كثيرًا على الكرات العرضية من علي جاسم وبايش، وهذا يتماشى مع فلسفة آرنولد الهجومية. يبدو أن عدنان درجال اختار مدربًا قريبًا من فكر المنتخب. وإذا لم تُفرض عليه تدخلات خارجية، أعتقد أنه سينجح، لاسيما إذا استعان بمساعد محلي يختصر عليه الوقت ويقربه من واقع الفريق." الفرصة الضائعة أما المدرب فريد مجيد فقد تساءل بحسرة: "لماذا لم نذهب إلى كيروش؟ هو مدرب يعرف أجواء آسيا جيدًا، وقاد منتخبات كبرى في مونديالات متعددة. العراق ليس أستراليا، وظروف لاعبينا مختلفة. نعم، لم نفقد الأمل، لكن لو كان كيروش مكان آرنولد، لكان الوضع مختلفًا تمامًا. رغم ذلك، تبقى أمنيتنا أن يسعد الأسود جماهيرنا في هذه المرحلتين المصيريتين". رغم قصر الوقت، ورغم أن أرنولد ورث فريقًا مرتبكًا، إلا أن الحسم مازال ممكنًا. الفوز في المباراتين سيقلب كل المعطيات، ويعيد البريق للكرة العراقية. فهل ينجح (الكنغر) في إعادة الأسود إلى طريق العالمية؟ أم تطيح به دوامة الأخطاء السابقة؟