100%
خصير الحميري
حصل في الأسابيع القليلة الماضية أكثر من حادث اعتداء، أو ابتزاز، جرى توثيقه ونشره بكاميرا الموبايل، أو كاميرات المراقبة.
وأدى التوثيق والفضح الى ما أدى إليه من معاقبة المتجاوز أو المتجاوزين. وهذا الامر بدأ ينتشر بشكل واضح، فما إن يشعر الشخص بموقفه الضعيف وهو يتعرض للغبن أو الابتزاز، حتى (يشهر) موبايله، أو يستعين بمن يشهر الموبايل، ويساعد بشكل علني، أو سري، في توثيق الفضيحة ونشرها - لاحقًا- على (حبال) السوشيل ميديا و(خلي الما يشتري يتفرج)!
فهل تنفع هذه المواقف الفضائحية في ردع من تسول له نفسه الإفساد والانتفاع من الوظيفة العامة ؟.. وللإجابة على هذا السؤال يمكن أن نقول إنها - بالتأكيد- تنفع، وتقلص من الظاهرة في ظاهرها، لكنها في باطنها تنفع الفاسدين أيضًا، من خلال الحذر الشديد في مواجهة عين الكاميرا، وسحب الضحية قدر الإمكان إلى مكان مؤمن تمامًا من رصد الكاميرات وعيون المتطفلين، وربما تشكل حافزًا للعودة والتشديد على.. حكاية تسليم الموبايل لدى الاستعلامات..
لكن الحال قد يتجاوز الحد أحيانًا، فالخط الفاصل بين ما هو عام مباح وخاص محظور خط دقيق، لا يجيد بعضهم تلمسه واحترام حدوده، فربما يحق للمواطن أن يصور في مكان عام، أو دائرة عامة، ليوثق حالة عامة، أو يدين سلوكًا معوجًا. ويحق له أيضًا أن يصور حالة فساد تجري معه أو مع الآخرين، لنشرها وفضحها، وجعلها عبرة لمن يعتبر.
إلا أن إدمان التصوير وإشهار الموبايل لكل ما يصادفنا في المشهد الحياتي، بما فيه من خصوصيات وأسرار الآخرين، يقع في خانة أخرى لا علاقة لها بحسن النية من قريب أو بعيد!
من جانب آخر.. فعلت الكاميرات فعلها في الحد من حالات السرقة والسطو على المنازل والسيارات، ولو كانت لدينا بيانات دقيقة وموثوقة، لأظهرت حجم التراجع في حوادث السطو على المنازل بسبب كاميرات المنازل أو كاميرات الشوارع، لذلك سارع الكثير من العائلات إلى تثبيت الكاميرات على واجهات وأسيجة المنازل للتخلص من عبث العابثين .. تحت شعار.. بدلًا من أن تلعن السرّاق.. ثبّت كاميرا!

