100%
حوار/ رجاء الشجيري
تصوير / حسين طالب
لم يخرج عن حلمه الأوحد في عالم الآلات الموسيقية والتأليف وعصا القيادة، بل ظل ملازماً وفياً له، ليبدأ مع الموسيقى العسكرية، التي دخلها مبكراً بعمر الـ 16 عاماً، لتفتح له الأبواب، وينطلق بعدها في عوالم الموسيقى وسحرها، عازفاً ومؤلفاً وقائداً للفرقة السمفونية.
إنه المايسترو علي خصاف، المولود في محافظة ميسان – قلعة صالح عام 1957، أنحدر من عائلة موسيقية عريقة عرفت بعزفها على الآلات الهوائية، امتدت بين الإخوة والأبناء والأحفاد.
بدأ القيادة كمايسترو في ثمانينيات القرن الماضي، حين كان يجمع عازفي الموسيقى العسكرية ويقودهم في المهرجانات والحفلات الموسيقية، ما جعل الأنظار تتجه إليه كموسيقي محترف تمكن من الانضمام للفرقة السمفونية الوطنية، التي قادها بشكل فعلي عام 1997.
ما ميز (الخصاف) موسيقياً، مزجه التراث الشعبي العراقي في مؤلفاته الموسيقية، ووضعه في إطار أوركسترالي جديد، ومن أعماله: (بويه نعيمة)، و(ما اندل دلوني)، و(جي مالي والي)، وكذلك اشتغل على طوري المحمداوي والصبّي وغيرهما من الأطوار. كما ألف الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، وأيضاً للاوركسترا، مثل (الأرض)، و(التحدي)، و(غصن الزيتون)، فضلاً عن تقديمه مقطوعات (صولو) لآلات الجوزة، والكلارنيت، والجلو، والسنطور، إضافة إلى أنغام من التراث العراقي الأصيل. ومن أجل تسليط الضوء على سيرته الإبداعية، ارتأت (الشبكة العراقية)، إجراء حوار معه، حوار ابتدأناه بسؤال:
* حدثنا عن مشاركتك موسيقياً في الأعمال المسرحية، واصداء هذه الأعمال، التي نذكر منها مسرحية (أنا والمهرج) في مسرح الطفل؟
- لي مع المسرح تجارب كثيرة، إذ عملت أربع مسرحيات، اثنتان مع الممثل والمخرج د. مناضل داود، (روميو وجوليت) و(قطار بصرة لندن)، أما تعاوني مع د. زينب عبد الأمير في مسرحية (أنا والمهرج) للأطفال، التي كانت من أجمل الاشتغالات التي عملنا فيها معاً، ضمن رؤيا مشتركة، إذ كانت ثيمة العمل عن الموبايل والألعاب الإلكترونية التي بدأت بتدمير الأطفال والكبار معاً، في تلك المسرحية هناك مهرّجان اثنان، أحدهما مهرج للخير، الذي يحث الأطفال على الدراسة والتعلم، وآخر مهرج الشر الذي يغريهم في تبديد وقتهم وإبعادهم عن الدراسة، وقد قدمت المسرحية ضمن عشرين عرضاً، واشتغلت فيها ضمن تأليف موسيقي أوركسترالي، ولاقت نجاحاً واستحساناً من الأطفال وذويهم.
* حدثنا عن تجربة الأداء واختيار الأصوات لفرقة (كورال أصوات بابل)؟
- الفرق الموسيقية لدينا ليست بالكثيرة، وكنت قد أسست عام 2015 فرقة (علي خصاف)، التي استمرت بتقديم نشاطاتها حتى انتشار جائحة كورونا، وعندها لم نستطع المواصلة. الآن، آثرت أن أعيد إحياء فرقة جديدة بدماء شابة للأعمار من (15 - 25)، الفكرة بزغت عندما ذهبت إلى القاهرة عام 2020، لحضور مؤتمر الموسيقى العربية في القاهرة ودار الأوبرا، إذ وجدت هناك في كل غرفة دخلتها، فرقة موسيقية (كوندكتر) ومطربين ومطربات، ما أثار تساؤلي وطموحي، لماذا لا تكون لدينا مثل هذه الفرق أيضاً؟ وبهذا الكم والاهتمام؟ وقد بدأت فعلاً باختيار أصوات شابة ضمن اختبارات بالتعاون مع شركة (دانا للموسيقى) لتكوين فرقة كورال أصوات بابل، حيث كان أغلب الشباب المتقدمين من الطلبة، إعدادية، وعلوم سياسية، وطب عام، وقانون، وطالبة تمريض، وهندسة، وعازف كمان، وخريجين باختصاصات علمية وأدبية مختلفة، وجميعهم ممن وقعوا بحب وسحر الموسيقى، ومن هنا اتمنى لهم الموفقية والمضي معاً نحو فرقتنا الواعدة.
* لماذا ليست لدينا مايسترو امرأة؟
-عالمياً توجد (كوندكترات) كثر يقدن الفرق الموسيقية، شخصياً معجب بـ (آن صوفي موتر)، وهي عازفة كمان ومايسترو. أما محلياً، فإن الجانب الاجتماعي له أثره في عدم اقتحامهن هذا المجال، إضافة إلى أن قيادة الفرقة تتطلب جهداً كبيراً وتفرغاً أكبر، والمرأة هنا إذا ما تزوجت وأصبح لديها أولاد، سيكون من الصعوبة تفرغها التام للفرقة، ربما تكتفي بالعزف مثلاً.
* هل يمكنك ترشيح أمرأة عراقية يمكنها قيادة فرقة كبيرة وتمتلك مواصفات المايسترو؟
- نعم، هناك عازفة الـ (فرنج هورن)، رانيا نشأت، فهي مجتهدة وذكية وعازفة جيدة، ولديها قدرة لتطوير نفسها، إن سنحت لها الفرصة لدراسة القيادة والهارموني وعلم الآلات، والمدارس الموسيقية والاتجاهات، حينها يمكن لها أن تتأهل للقيادة الموسيقية كمايسترو.
* لو منحت منصباً متنفذاً وامتلكت الصلاحيات، ما القرارات التي ستتخذها؟
- أعيد النشيد الموسيقي للمدارس من الابتدائية إلى الكلية، كما أعيد البيوت الثقافية لتدريس الموسيقى والغناء والصولفيج والأناشيد الوطنية، وسأقوم بتخصيص بناية للسمفونية العراقية، وبناية للموسيقى العسكرية، وبناء دار الأوبرا، فضلاً عن إقامة بعثات ودورات تطويرية للموسيقيين العراقيين في جميع أنحاء العالم، وزيادة الفرق الموسيقية ،وانشاء مهرجانات فنية متعددة، وليس مرة كل عام، بإمكانيات متواضعة.
* ماذا تقول للجيل الجديد؟
- أخبرهم: لاتكذبوا على أنفسكم، أقول للفنان: لا تقف أمام المرآة وتقول أنا فنان دون اجتهاد وتعب وسعي وشغف، الموسيقى ليست موهبة فقط، بل دراسة وعلم له أبواب كثر، فلا تدخلوا من باب واحد فقط، العزف على آلة واحدة ثم التوجه وراء أي مطرب أو مطربة والاكتفاء بذلك، وتذكروا مقولة سقراط: ""اعرف نفسك.. تعرف العالم.""
* ما جديد أعمالك؟
- إعادة بعض الأعمال القديمة التي عملتها في التسعينيات والألفينيات مع الفرقة السمفونية، لدي رغبة بصياغتها وتقديمها من جديد مع أوركسترات عالمية، كما قدمت نشيداً لمؤسسة السجناء، ونشيداً للكلية التقنية، وأكثر من نشيد وطني. والآن أعمل في مسرحية (ريتشارد الثالث)، مع الفنان والمخرج المسرحي صلاح القصب ود.عواطف نعيم.
* ما الذي يزعج (الخصاف)، وهو المعروف بصبره وهدوئه؟
- يزعجني بعض أصحاب الأمراض النفسية، الذين يعملون بالضد من الموسيقى والفن، من الوسط نفسه أو خارجه، إضافة للمعوقات المادية وليس الفنية التي تكبلنا دوماً، فهي تحزّ في نفسي، لذلك أدعو إلى انشاء صندوق لرعاية الفنانين سنوياً، من موسيقيين ومسرحيين وسينمائيين، وتشكيل لجنة لهذا الصندوق، فعندما توجه دعوة موسيقية للفرقة السمفونية على سبيل المثال خارج البلد، يمكن لهذا الصندوق أن يتكفل بذهاب الفرقة وعودتهم إضافة إلى أقامتهم من أجل تمثيل العراق بأفضل صورة، في المحافل الموسيقية العربية والعالمية.