الروائية ر غد السهيل: لسنا في صراع ضد الجنس الآخر

ثقافية

الروائية ر غد السهيل: لسنا في صراع ضد الجنس الآخر
100%
حوار / زياد جسام رغد السهيل.. قاصّة وروائية من مواليد بغداد، حاصلة على الدكتوراه في تخصص علم الأحياء الدقيقة / المناعة. جمعت بين العلم والأدب ونجحت في كليهما. فمثلما حصلت على براءة اختراع في علاج أحد الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي، حصلت على جائزة الإبداع العراقي عن روايتها (محنة كورو). صدرت لها خمس مجاميع قصصية: (ضحكة الخاتون، سايكو بغداد، كللوش، سمفونية المدن المرئية، بانت سعاد)، وثلاث روايات (أحببت حمارًا، منازل ح17، محنة كورو). التقينا السهيل، وأجرينا معها الحوار التالي: *متى اكتشفت رغد السهيل أنها تمتلك موهبة الكتابة؟ ولماذا اختارت كتابة القصة والرواية دون الأجناس الأدبية الأخرى؟ -الأمر يعود إلى مرحلة الطفولة، ثم المدرسة، حيث حب اللغة العربية وآدابها، في بداياتي المبكرة كتبت محاولات في الشعر ثم تجنبته، لأنني كما يقول الفراهيدي (الذي يأتيني لا أرضاه والذي أرضاه لا يأتيني)، لذا انتقلت إلى كتابة القصة، فوجدت متعة كبيرة فيها ومساحة أكبر لممارسة الفنون السردية، أعتقد أن الإبداع في القصة يكون ظاهرًا أكثر مما هو في الرواية، ربما للطبيعة الفنية للقصة، التي تتطلب التكثيف الشديد، وحجمها المحدود الذي يظهر الجمال في اللوحة مباشرة، أما الرواية فقد كتبتها أولًا بالصدفة، فكانت مجرد تجربة بيني وبين نفسي، لم أعرف مدى قابليتها للنجاح، حتى وجدت أن السرد هو الذي يسير بي دون أن أدفعه، لم أكتب رواية إلا وكانت خلفها قضية كبري تحتاج أن تكون على شكل الرواية، فطبيعة الموضوع بالتأكيد هي التي تفرض نوعه، وتظل القصة هي الأقرب لنفسي وطبيعتي، لأنني سريعة الملل، الرواية عمل مضن وشاق يحتاج إلى الكثير من الصبر، والدراسة أيضًا. *بمن تأثرت؟ وإلى أية مدرسة يميل أسلوبك في كتابة الرواية؟ - في الحقيقة، لا أعرف، فذلك يعود لتقدير الناقد. لكنني أستمتع بقراءة كل سرد مختلف تقنياً، فكرياً، ولغوياً. أحب كثيراً عوالم التجريب والابتكار، حين تلتقي كل هذه العناصر مع جمال اللغة والخيال. مثلاً، كالفينو سارد ساحر لا يشبه أحداً، وكل كتاب له مختلف عن غيره. وكذلك إدواردو غاليانو، إذ تحمل نصوصه أبعاداً مفتوحة للتأويل. في العراق، هناك مدارس سردية تمثل قفزة حقيقية، مثل مدرسة جمعة اللامي في التصوف والتجريب والحداثة؛ اللامي متفرد في سرده بلا شك. ومحمد خضير أيضاً، له خطه المختلف والمميز بالتأكيد. ومن الجيل الشاب في المغرب، هناك قاص فريد في سرده هو أنيس الرافعي، الذي أطلقت عليه "خياط السرد". قراءتي لأمثال هؤلاء تجعلني في حالة تحدٍّ دائم مع قدراتي، لاكتشاف تقنيات كتابة جديدة ومختلفة، شيء أشبه بالنحت اللغوي والتقني. لا أحب تكرار أي تجربة، مهما تأخر الإنجاز. *غالبية الكُتاب لهم طقوس معينة أثناء الكتابة، هل من عادات وطقوس لك في الكتابة؟ -أفضل الكتابة في الصباح، وعلى مكتبي الخاص، إذ أجد صعوبة في الكتابة بمكان غيره، ربما أدون بعض الملاحظات فقط، وأستمر بالعمل حتى أشعر بالإنهاك، أو الملل، وكثيرًا ما أمارس رياضة المشي لمسافات طوال حين تداهمني فكرة سردية لم تولد على الورق بعد، المشي يساعدني على تصفية الأفكار وتنقيتها وأحيانًا يمنحني أفكارًا جديدة. *الأدب النسوي في عموم المنطقة العربية مرتبط بحركة تحرير المرأة من سطوة الذكورية، إلى أي مدى أثر ذلك في تجربتك الشخصية؟ -هناك لغط كبير في مفهوم النسوية، فلسنا في حالة نزاع ضد الجنس الآخر، هذا غير صحيح، وفيه إساءة لمفهوم الفلسفة النسوية، الفكرة هي أننا ندعو النساء للتعبير عن أنفسهن بمنتهى الحرية، دون خوف أو قلق، وبلغتهن الخاصة، بعيدًا عن اللغة السائدة التي هي ذكورية. بالتأكيد يصب هذا في تحرير المرأة، لكنه أيضًا يصب في التأكيد على هوية النساء، فلماذا نكتب نحن كما يكتب الرجال؟ نحن لدينا لغتنا وأفكارنا الخاصة، وهذا أمر طبيعي، انظر للاختلاف بين النساء والرجال في أساليب الإدارة المالية مثلًا، كل له أسلوبه وفكرته، وهو كذلك في كل الميادين الفكرية والفنية والتعليمية والصحية والاقتصادية والسياسية وغيرها، النسوية تؤكد الحفاظ على هذا الاختلاف، هي بعيدة كل البعد عن العنف ولغة النزاعات التي هي في الأساس ذكورية. شخصيًا أؤمن بالنسوية كفلسفة للبناء، والقضية ليست سهلة بتاتًا، فنحن ثمار تربية وثقافة المجتمعات الذكورية، هذا يذكرني بفرجينيا وولف، التي قالت إنها ترمي المحبرة بوجه الملاك الحارس حين يطلب منها حذف عبارة من نصها إرضاء للآخر! *روايتك (محنة كورو)، جمعت بين تخصصك العلمي والأدبي، وكانت لها أصداء واسعة في الوسط الثقافي العراقي، خصوصاً بعد حصولها على المركز الأول بجائزة الإبداع العراقي، هل سوف تستثمرين تخصصك في علم المناعة والأحياء المجهرية في روايات أخرى؟ -لا أعرف ماذا يكمن في المستقبل، لكن هذا ليس ضمن مخططاتي، كتبت رواية (محنة كورو) لتكون أشبه بالوثيقة على مرحلة لها ظروفها الخاصة، اجتماعيًا وثقافيًا واقتصاديًا، مر بها العراق خلال الجائحة، وكان لا بد من الإضاءة على الجانب العلمي لتوضيح الصورة للقارئ في وقت انتشرت فيه الخرافات والمعلومات المغلوطة. *كيف تقرئين مستقبل كتابة القصة في العراق؟ -نحن في عصر السرعة، والعالم يتغير بقفزات مذهلة، وأظن أن القصة تلائم هذا العصر أكثر، لأنها قصيرة، فنحن في حالة سباق دائم مع الوقت، كما أرى أن القصة في العراق، بل وفي العالم العربي، بخير، فلدينا الكثير من الوجوه الشابة التي بدأت بتثبيت أسمائها، فمن يكتب القصة حاليًا هم الشغوفون بهذا النوع من السرد، لكن تهافت الشباب على كتابة الرواية أظن أنه بسبب كثرة المسابقات والجوائز، لا من أجل الرواية بحد ذاتها. *دائمًا ما يكون الأديب عرضة للنقد، فكيف تواجهين ذلك؟ وإلى أي مدى تتأثرين بالنقد؟ سواء كان سلبيًا أم إيجابيًا؟ -يفترض بالنقد أن يضيء العمل ويوضح جوانب لم يرها القارئ، وكل نقد هو في صالح النص، مهما كان. أنا في رأيي أنه ليس هناك نقد إيجابي أو سلبي، فالنقد ليس للإطراء على، أو ذم الكاتب، وهو ليس لشرح الحبكة أو الثيمة، كما ينتشر حاليًا، فهذا يستطيع أي قارئ أن يفعله، النقد ينبغي أن يتناول الأساليب الفنية التي اتبعها الكاتب، ومدى نجاحها في خدمة العمل، أو مواقع الضعف فيها، وكيفية تطوير قدرات الكاتب في أعماله المقبلة، بالتأكيد هذا النوع من النقد قليل ومحدود، فلا يكفي أن تحمل شهادة عليا لتكون ناقدًا محترفًا، القراءة وسعة الاطلاع هما من يصنعان الناقد الحقيقي، ونحن للأسف نعاني من قلة الاطلاع. شخصيا اقرأ ما يكتب عني وأقف إعجابًا بناقد يكشف أسراري الفنية في العمل السردي، وأصمت حين أجد من يمارس النقد وهو لا يدري الى أين وصلت الرواية حاليًا في العالم!

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج