100%
إعداد وترجمة/ أحمد المولى
وجدت شركة (إنفيديا Nvidia ) الأميركية نفسها، مؤخرًا، وهي الشركة العملاقة المصنعة لرقائق الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي، في قلب صراع شديد التوتر بين الولايات المتحدة والصين. ويعكس هذا الصراع كيفية اختلاط التكنولوجيا والأمن والسياسة أحيانًا.
رقائق H20
تشتهر شركة إنفيديا بإنتاج الرقائق الذكية التي تشغل أنظمة الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت جزءًا من حياتنا اليومية، سواء من خلال الأنظمة المساعدة الذكية، أو التطبيقات، أو حتى الأدوات التعليمية.
وقد لفتت إحدى رقائقها، المسماة H20 ، انتباه الصين، التي ترغب في استخدامها لتعزيز قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، لطالما كانت الولايات المتحدة حذرة بشأن بيع مثل هذه التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، خوفًا من أن يمنحها ذلك ميزة ليس فقط في مجال الأعمال التجارية، ولكن أيضًا في القوة العسكرية.
طوال سنوات، فرضت الحكومة الأميركية قيودًا على الرقائق التي يمكن للشركات الأميركية بيعها إلى الصين.
دخل جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، على الخط، فقد أقنع مؤخرًا الحكومة الأميركية برفع بعض هذا الحظر عن رقاقة H20.
أثار هذا القرار جدلًا حادًا، لأنه يعني أن الصين يمكنها شراء واستخدام هذه الرقائق بحرية أكبر، ما قد يسرع في تقدمها بمجال الذكاء الاصطناعي.
اتهامات صينية
بعد هذا التغيير بوقت قصير، استدعت هيئة مراقبة الإنترنت الصينية شركة إنفيديا للتحقيق في مزاعم بأن رقاقة H20 قد تحتوي على ثغرات أمنية "خلفية".
تشبه هذه الثغرات الأمنية المفاتيح السرية التي تسمح لأي شخص بإيقاف تشغيل الرقائق عن بُعد أو حتى تتبع موقع المستخدم.
ونفت شركة إنفيديا هذه الادعاءات بشدة، مؤكدةً بوضوح أنه لا توجد مثل هذه الأبواب الخلفية في رقائقها.
اتهامات مقابلة
يضيف بعض المشرعين الأميركيين بعدًا آخر إلى هذه القصة، إذ أطلقوا تحذيرات بشأن شركة صينية تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي هي (ديب سيكDeepSeek ) وهم يتهمون الشركة الصينية باستخدام رقائق إنفيديا المتطورة على الرغم من ضوابط التصدير.
ويزعمون أن الشركة تتجسس على الأميركيين وتقوم بتسريب البيانات الحساسة إلى الحكومة الصينية. وقد دفعت هذه المخاوف المشرعين إلى المطالبة بقواعد تصدير أكثر صرامة لإبقاء التكنولوجيا الأميركية المتطورة بعيدًا عن الأعداء المحتملين.
من جانبها، تصر شركة إنفيديا على أنها تلتزم بجميع قوانين ولوائح الحكومة الأميركية.
وترى الشركة أن ممارسة الأعمال التجارية في الصين أمر حيوي للابتكار والحفاظ على القدرة التنافسية في سوق التكنولوجيا العالمي.
الابتكار والأمن
وقد اشارت صحيفة فايننشال تايمز الأميركية إلى أن الصين تخطط لزيادة إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي ثلاث مرات.
وتسعى الصين إلى إحداث تحول محوري، بحيث ينتقل صنع الرقائق من شركة إنفيديا إلى صنع رقائق محلية، ويشير الإقبال المتزايد على البدائل المحلية إلى أن نقطة التحول قد حانت.
إن الأرباح الضخمة لشركة (كامبريكون تكنولوجيز Cambricon Technologies)، التي أعلنت أن مجموعة (علي بابا) تختبر أجهزة ذكاء اصطناعي جديدة، نقول إن أرباح الشركة تشير إلى أن القطاع بدأ أخيرًا في مواكبة جهود الحكومة لتحقيق الاعتماد على الذات.
وشركة (كامبريكون تكنولوجيز)، شركة صينية، تعمل في مجال شريحة الذكاء الاصطناعي والتصميم الرقمي، وتشتهر بمعالجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
وأشارت تقارير صحافية الى أنه حتى شركة (ديب سيك) الصينية تستخدم رقائق من شركة (هواوي تكنولوجيز) الصينية، لتدريب بعض النماذج، مع استمرارها في استخدام رقائق إنفيديا.
ويتركز الاهتمام الدولي على جهود (هواوي) للحاق بشركة إنفيديا.
لكن شركة هواوي ليست الوحيدة التي تحاول ملء الفراغ.
فالشركات الناشئة في شنغهاي، مثل (إنفليمEnflame ) و(ميتا إكس MetaX )، تسعى جاهدة بدورها لاغتنام الفرصة.
وتذكرنا قضية الرقائق بالموازنة المعقدة التي يجب على شركات مثل إنفيديا مراعاتها، أي تحقيق التوازن بين الابتكار والأمن والسياسة الدولية.