مصطفى الهاشمي /
ينفرد العراق بامتلاكه مجموعة من الخامات المعدنية ذات التكوين الجيد، إضافة إلى أنه يُعد من الدول الغنية برمال السيليكا، التي تتوفر بكميات كبيرة في محافظتي الأنبار والنجف الأشرف، وتتميز بمواصفات جيدة تجعلها مناسبة لصناعات مختلفة، مثل صناعة الزجاج، الثرمستون، السباكة، والمنتجات السيليكونية، ذات الشرائح الإلكترونية للأجهزة المختلفة، كالهواتف والحواسيب وغيرها.
مؤخرًا، تم توقيع اتفاقية مع المملكة العربية السعودية لإنشـاء أكبـر مُجمـع صناعـي لمشاريـع السيليكا فـي مُحافظـة الأنبـار، ولتنفيذ العديد من المشاريع الصناعية المُستقبلية التي تضم (الزجاج المُسطح، القناني والجرار، الأدوات الصحية السيراميكية، سيراميك الأرضيات والجُدران، عوازل كهربائية زجاجية، سيليكات الصوديوم) وغيرها من المشاريـع. احتياطي السيليكا كم يبلغ حجم الاحتياطي المقدر لرمال السيليكا في العراق؟ تقول الباحثة الاقتصادية حنان مازن إبراهيم إن "العراق يمتاز بامتلاكه العديد من المعادن، كالكبريت والفوسفات، إضافة الى خامات أخرى، لكن القانون يمنع تصديرها كخامات طبيعية، وفي الوقت نفسه يسمح القانون باستثمارها او تحويلها الى منتجات أخرى". وأوضحت إبراهيم في حديثها لـ "الشبكة العراقية" أن "حجم الاحتياطي من رمال السيليكا يتوزع بين محافظتي النجف الأشرف والانبار، إذ تشير التقارير الجيولوجية إلى أن الاحتياطي من هذا الخام في النجف يصل إلى 220 مليون متر مكعب صالح لصناعة الزجاج، و385 مليون متر مكعب لصناعة الزجاج الملون." وتابعت "أما الأنبار فتحتوي على رواسب ضخمة من رمال السيليكا، إذ يصل الاحتياطي في بعض المواقع إلى أكثر من 330 مليون متر مكعب، يمكن استثمارها في الصناعات المختلفة، إلا أن الحكومة المحلية في قضاء الرطبة كشفت عن وجود مليار طن من رمال الزجاج عالية النقاوة، التي تُستخدم في صناعات متعددة". وبينت إبراهيم أن "هناك اهتماماً متزايداً من الشركات الأجنبية، خاصة اليابانية، للاستثمار في مشاريع رمال السيليكا في العراق، إذ تسعى الحكومة إلى تعزيز التعاون مع الشركات العالمية لتطوير هذا القطاع الحيوي." مشيرة إلى توقيع الاتفاقية الاستثمارية بين العراق والسعودية في الأيام القليلة الماضية. من جانبه، يرى المختص بالشأن الاقتصادي علي حسين الخفاجي أن استثمار رمال السيليكا في العراق يُعد فرصة اقتصادية واعدة، خصوصًا مع تزايد الطلب العالمي على هذه المادة في الصناعات المختلفة، لكن هذا القطاع يحتاج إلى خطط ستراتيجية للاستغلال الأمثل، إضافة إلى جذب الشركات الاستثمارية لضمان تحقيق أكبر قدر من الفائدة الاقتصادية. وأوضح الخفاجي في حديثه لـ "الشبكة العراقية" أن "رمال السيليكا تُستخدم في العديد من الصناعات، وأبرزها صناعة الزجاج، إذ تعد المادة الأساسية في إنتاج الزجاج الشفاف والملون، إضافة الى صناعة السيراميك، كونها تدخل في تصنيع البلاط والأدوات الصحية، وكذلك في قطاع البناء والتشييد، حيث تُستخدم في الخرسانة والدهانات والمواد العازلة، إلى جانب استخدامها في الترشيح ومعالجة المياه في أنظمة التنقية". وتابع "تستخدم رمال السيليكا في الصناعات الإلكترونية، لاسيما السيليكا عالية النقاوة، إذ تعد أساسًا في تصنيع الشرائح الإلكترونية والدوائر المتكاملة، التي يجري تحويلها إلى سيليكون نقي يُستخدم في صناعة أشباه الموصلات، كما أن رمال السيليكا تُعد مادة أساسية في صناعة التكنولوجيا الحديثة، خاصة في إنتاج الرقائق الإلكترونية المستخدمة في الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر". المسح الجيولوجي تقول المختصة بالشأن الاقتصادي الباحثة نبراس الجابري إن الجهة الحكومية المسؤولة عن استثمار المعادن تتمثل بقسم الاستثمار المعدني في هيأة المسح الجيولوجي التابعة لوزارة الصناعة والمعادن. وتضيف الجابري في حديثها لـ "الشبكة العراقية" أن "هذا القسم معني بتطوير نشاط الاستثمار في مجالات الاستكشاف والتنقيب والاستخراج للمعادن والصخور الصناعية في العراق من خلال تقديم المعلومات والترويج للمشاريع المعدنية للقطاعات المختلفة، إلى جانب إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية ودراسات تقييم الأثر البيئي للمشاريع الصناعية التعدينية، فضلًا عن توثيق ومعالجة البيانات الخاصة لنشاط الاستخراج المعدني وإعداد الدراسات الإحصائية والخرائط اللازمة لها". خطوة ستراتيجية ووقع العـراق والسعوديـة، مؤخرًا، اتفاقيـة لإنشـاء أكبـر مُجمـع صناعـي لمشاريـع السيليكـا فـي محافظـة الأنبـار، فـي خطوة ستراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الصناعي بين البلدين. ورعى وزير الصناعة والمعادن خالـد بتّـال النجـم توقيع الاتفاقية، التي وصفتها وزارة الصناعة والمعادن في بيان لها بأنها تاريخية، للتعاون بين الشركة العامة للزجاج والحراريات وشركة أجيال السعودية، لإنشاء أكبر مُجمع صناعي مُتكامل مشترك يعتمد على السيليكا كمادة أولية أساسية. وتُمثـل هذه الاتفاقية خطوة مهمة نحو تعزيز الشراكة الستراتيجية بين البلدين في مجال الصناعة، إذ سيُتيح المُجمع الصناعي استخدام السيليكا كعنصر رئيس في تصنيع مجموعة من المُنتجات الصناعية المُتطورة، كما سيسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وزيادة الإنتاج الصناعي، في خطوةٍ نحو بناء قاعدة صناعية راسخة تسهم في توفير فرص العمل وتعزيز الاستدامة الاقتصاديـة. وأكد الوزير أن "هذا المشروع يأتي ضمن رؤية وزارة الصناعة في تعزيز قدرة العراق الصناعية، لافتًا إلى أن هذهِ الاتفاقية تُمثل نقطة تحول كبيرة في التعاون الصناعي بين العراق والسعودية، وأنها ستكون خطوة نحو تنويع مصادر الدخل وتطوير الصناعات الوطنية من خِلال الاستفادة من المواد الأولية المحليـة. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تحقيق نقلة نوعية في قطاع الصناعة في العراق، ويشكل دعامة قوية للتنمية الاقتصادية المستدامة بين البلديـن".