ياسر المتولي /
نجحت الحكومة الحالية بإحياء مبادرة سابقة تتلخص باصطحاب ثلّة من رجال الأعمال ضمن الوفود الرسمية إلى بلدان العالم المتقدم، فاستطاعت بهذه الخطوة إنضاج هدف التسويق الاستثماري الأمثل. وسجلت حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إنجازاً مثمراً في هذا الاتجاه يحسب لها، بانت انعكاساته من خلال تصاعد وتيرة الإقبال للمستثمرين والشركات الاستثمارية العالمية على العراق، كونه بلد الفرص الاستثمارية الأعلى بين دول العالم لأسباب عدة، في مقدمتها امتلاكه ثروات طائلة لم تستثمر حتى الآن، ولكونه بحاجة كبيرة لهذه الاستثمارات، نظراً للدمار الذي حلّ به بعد مرحلة التغيير في العام 2003، من جراء الحروب السابقة للمرحلة، وما فعله داعش باحتلاله أكثر من نصف مساحة العراق بعدها، أضف إلى ذلك تهالك وتقادم البنى التحتية لمجمل المشاريع الستراتيجية والخدمية، التي لم تشهد أي تطوير خلال حقبة الحكومات السابقة. ويقيناً أن هذا التراجع بسبب الأحداث، وعدم الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي، كانا سببين قد يكونان مقنعين في عدم امكانياتها، وأقصد الحكومات السابقة، في تحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة.. يرافق ذلك استشراء الفساد، وهو العامل الأقوى في تأخر العراق، إذ كان سبباً في عزوف رجال الأعمال والشركات العالمية الاستثمارية الرصينة عن القدوم إلى العراق بسبب قيَم وسمعة الشركات المعتدة بنفسها. ولغرض تقييم تجربة حكومة السوداني فيما إذا استطاعت تذليل العقبات ونجاحها في استقطاب الاستثمار العالمي، لابد من عودة تقويمية للأداء الحكومي في مجال تحقيق نجاحها في جذب الاستثمار من خلال المقاربة التالية: قبل ستة أعوام خلت، كنت قد كتبت مقالاً في جريدة (الصباح) حمل عنوان (سفراء الاستثمار) حول مبادرة رئيس الوزراء الأسبق د. عادل عبد المهدي في إصدار أمر ديواني باصطحاب 70 شخصية من رجال الأعمال، بينهم النسبة الاكبر من المحسوبين أو الطارئين على رجال الأعمال، مع وفد رسمي الى إحدى الدول المتقدمة. وقد كانت في الحقيقة تجربة رائدة لم نشهدها في حقب الحكومات التي سبقته، واستبشرنا خيراً، وقد دعمنا، نحن معشر الصحفيين، هذه المبادرة التي لم تحدث، وكانت السبيل إلى تسويق الاستثمار الصحيح الذي عجزت عنه الدوائر المعنية، كهيئة الاستثمار السابقة وفروعها في المحافظات، والوزارات المعنية، وكذلك القطاع الخاص. وقد مُيعت هذه المبادرة ولم تتكرر في زمن حكومة الكاظمي، وهنا يجب مقارنة هذه الحالة الصحية بين ثلاث حقب مرت، إذ نستطيع القول ونتلمس أن حكومة السوداني قد نجحت في ديمومة المبادرة واستقطاب الاستثمار العالمي، وذلك من خلال اصطحابه في أغلب الوفود الرسمية عدداً من رجال الاعمال الأكفاء الذين استطاعوا تحقيق شراكات منتجة مهدت الطريق لاستقدام وجذب الشركات العالمية التي نشاهد أداءها في عموم أرجاء الوطن. صحيح أن السوداني تسلّم وضعاً أمنياً يكاد يتعافى، إلا أنه استطاع تطويع الظرف الأمني نحو الاستقرار الواضح، وليس بالكامل. واقعاً، نحتاج إلى مزيد من الإجراءات، وهناك حقيقة ثابتة: أنه كلما توفرت فرص عمل، كلما تحقق الاستقرار وشُغل الجميع عن المشكلات بالعمل وكسب العيش.