علي السومري /
أحد عمالقة اللّحنية العراقية وأساطينها، نقل الأغنية إلى مديات جديدة، وامتاز بالجرأة في أعماله، والذكاء بانتقاء ألحانه، حسب طبقة صوت المطرب الذي يغنيها. وصفه أقرانه بامتلاكه النبوغ، كيف لا، وهو صاحب أجمل الروائع العراقية، ومنها (غريبة الروح – شكول عليك - يگولون غني بفرح - لابيه اعوفن هلي- كوم انثر الهيل- المطار- انت العزيز تغيرت – طير الحمام – عيني عيني – يامسيت العافية – لتصدك اليحجون - البارحة - يا هوى الهاب)، وغيرها. وهو من الملحنين القلائل الذين لم ينجرفوا ضمن جوقة المطبلين للدم، عاشق ومُحب على الدوام، آثر على نفسه الانزواء والانشغال بأعمال بسيطة، مبتعداً عن التلحين، كي لا يضطر أن يلحن للحرب وعبثيتها. من يعرفه يدرك جيداً أنه عاشق للحياة ومسراتها، لم يستسلم للحزن يوماً، بل ظل متمسكاً بجمرة العيش بقلب مراهق مفتون بالمحبة. ولد في محافظة الكوت عام 1947، لكنه انتقل إلى كربلاء مبكراً، المدينة التي تشرب بموسيقاها ونحيبها لتنعكس أصداء عاشورائها في ألحانه. أكتب الآن وأنا أتذكر عشرات الجلسات معاً، ابتسامتك الدائمة، خزين معرفتك الموسيقية، مفارقات حياتك، وقصصك مع أشهر المطربين الذين أوصلتهم إلى النجومية، أتذكر أغنية (أريدك) التي لحنتها للفنان سعدون جابر، واتفاقه مع الملحن المصري بليغ حمدي لتلحين ألبوم كامل، (بليغ) الذي أصرّ على سماع الأغنية مراراً بألحانك، ليعترف في النهاية بعدم استطاعته مجاراة الروح العراقية فيها. نعم، كنت صائغ الذهب الأمهر في تلحين روح الموسيقى العراقية وشجونها، هذا ما يتحدث فيه الجميع عنك، الذين اختلفوا في كل شيء، لكنهم اتفقوا عليك. كنت معنا ونحن نستمع لألحانك، وها أنت معنا بعد رحيلك، بأعمالك وذكرياتك وحكاياك التي لا تُمل. محسن فرحان، أيها الملحن الكبير، ها نحن نلوح لك بمحبة ونحن نبتسم، وكيف لا نفعل، وهي نصيحتك التي طالما رددتها على أسماعنا: "ابتسم، وغنِّ، واعشق، فالحياة قصيرة."