بغداد : مصطفى ناجي /
كشفت مجموعة من المختصين بالشأن الاقتصادي الأسباب المانعة لتطوير قطاعات اقتصادية غير نفطية لتنويع موارد العراق الاقتصادية، نظرًا لاعتماده الكبير على عائدات النفط كمصدر رئيس للإيرادات، ما يجعل الاقتصاد يفتقر إلى النمو المستدام والاستقرار المالي، مؤكدين في الوقت نفسه إمكانية تطوير تلك الموارد، لتقليل الاعتماد على النفط كقطب أوحد للموازنة العامة. يقول الأكاديمي الاقتصادي الدكتور ماجد البيضاني: إن "تنويع الاقتصاد يعني تطوير قطاعات غير نفطية توفر مصادر دخل بديلة وتنمي الاستثمارات الداخلية والخارجية." ويوضح البيضاني، في حديثه لـ "الشبكة العراقية"، أن "الزراعة تمثل أحد القطاعات الواعدة بفضل الأراضي الخصبة والمياه المتوفرة من نهري دجلة والفرات، إلى جانب المياه الجوفية، وهناك إمكانية لتوسيع الإنتاج الزراعي لتقليل الاعتماد على المنتجات الزراعية والغذائية المستوردة، ما يزيد من صادرات العراق الزراعية." وأضاف: "يمكن للصناعة أن تلعب دورًا كبيرًا من خلال تطوير الصناعات التحويلية، مثل الصناعات الغذائية والبناء والإنشاءات، إضافة إلى السياحة التي تشكل مصدرًا مهمًا للدخل، إذ يمتلك العراق مواقع أثرية وتاريخية مثل بابل وأور، إلى جانب السياحة الدينية." قطاع التكنولوجيا من جهتها، ترى الأكاديمية الاقتصادية الدكتورة نبراس الجابري أهمية دور التكنولوجيا في التنويع والتحول الرقمي، الذي يمكن أن يعزز التنويع الاقتصادي، من خلال تطوير قطاعات جديدة، مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والاستثمار المعرفي، فضلًا عن أن الاستثمار في الابتكار والبنية التحتية الرقمية يفتح الأبواب أمام إنشاء شركات ناشئة واستقطاب استثمارات خارجية. وتشير الجابري، في حديثها لـ "الشبكة العراقية"، إلى أن "التنمية المستدامة، كهدف اقتصادي، تتطلب توظيف الموارد الطبيعية بطريقة مسؤولة مع الحفاظ على البيئة." لافتة إلى أن "الموارد المائية تُعد من الثروات الأساسية التي يمكن استخدامها لتطوير الزراعة وتربية الأسماك، فضلًا عن أن استثمار المعادن الوفيرة، كالفوسفات والكبريت، كمصادر للصناعات الكيميائية يجب أن يتم وفق معايير تضمن الحفاظ على البيئة وعدم استنزاف الموارد." وإلى جانب الموارد الطبيعية، تظهر ضرورة استثمار الموارد البشرية والخبرات، في التعليم والتدريب المهني، لتمكين القوى العاملة من مواكبة تطورات سوق العمل وتوفير الخبرات المناسبة لها، لأن ذلك يسهم في دعم عملية التنمية المستدامة، وتوفير برامج تدريبية موجهة لتلبية احتياجات القطاعات غير النفطية وتوفير مهارات تنافسية للشباب العراقي. كما أن تنويع الاقتصاد والتنمية المستدامة هو الطريق نحو بناء اقتصاد قوي ومتوازن يضمن رفاهية الأجيال القادمة، من خلال الاستثمار في القطاعات الواعدة والتكنولوجيا الحديثة، مع التركيز على حماية الموارد الطبيعية، إذ يمكن للعراق أن يحقق نقلة نوعية نحو مستقبل اقتصادي مستدام. تنويع الموارد من جانب آخر، حلل مختصان بالشأن الاقتصادي التحديات التي تواجه البلد في تنويع موارده الاقتصادية، وتجعله مرتهنًا بقطاع النفط لوحده. المختص بالشأن الاقتصادي علي حسين الخفاجي يرى أن "أبرز معيقات تنويع الموارد لاقتصاد العراق تتمثل بهشاشة الأوضاع العامة، ما يؤثر على قدرة الحكومة في تنفيذ خطط طويلة الأمد لتنويع الاقتصاد، فضلًا عن أن ضعف البنية التحتية، من جراء الحروب وتداعياتها، يجعل من الصعب تطوير قطاعات اقتصادية أخرى مثل الزراعة والصناعة." ويؤكد الخفاجي، في حديثه لـ"الشبكة العراقية"، أن "الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية بأكثر من 90% من صادرات العراق وإيراداته العامة، يجعل الاقتصاد عرضة لتقلبات أسعار النفط العالمية، ويربك نسبة العجز في الموازنة العامة، فضلًا عن تذبذب سعر الصرف كنتيجة داخلية لذلك." وتعقب الباحثة الاقتصادية آية عادل على كلام الخفاجي بالقول: "غياب السياسات الاقتصادية الفاعلة يأتي بسبب ضعف التخطيط الستراتيجي الطويل الأمد لتطوير قطاعات بديلة، مثل الزراعة، والمعادن، والطاقة المتجددة، إلى جانب ضعف الاستثمارين الأجنبي والمحلي بسبب اهتزاز الثقة لدى المستثمرين نتيجة حالات الفساد الإداري، ما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، ما يدعو القائمين على الملف الاقتصادي في العراق إلى تبني إصلاحات شاملة تشمل تحسين البنية التحتية، وتعزيز الاستقرار العام، وتطوير سياسات اقتصادية تدعم القطاعات البديلة." موارد سهلة التطوير وعن أبرز القطاعات غير النفطية التي يسهل تطويرها، يقول الباحث الاقتصادي فراس عامر: إن "العراق يمتلك العديد من الموارد التي يمكن تطويرها بسهولة نسبية لتكون بديلة عن النفط، ومن أبرزها الزراعة، لتمتع البلد بأراضٍ خصبة وتوفر مياه نهري دجلة والفرات." مؤكدًا، في حديثه لـ"الشبكة العراقية"، أن" تطوير الزراعة يتطلب تحسين أنظمة الري، وتوفير البذور والأسمدة المدعومة، وتزويد المزارعين بالتكنولوجيا الحديثة المنتجة محليًا كمنظومات الري المختلفة الاستخدامات." ويشير عامر إلى أن "قطاع السياحة في العراق غني بالمواقع التاريخية والأثرية، مثل بابل وأور، إضافة إلى الأماكن الدينية التي تجذب الزوار، مع إمكانية الاستثمار في البنية التحتية السياحية مثل الفنادق ووسائل النقل، والحرف اليدوية، التي يمكن أن تعزز نمو هذا القطاع بسرعة." بدوره، يرى الباحث الاقتصادي محمد نجم، في حديثه لـ"الشبكة العراقية"، أن "قطاع الطاقة الشمسية يمكن توظيفه، بفضل المناخ المشمس في معظم مناطق العراق، لتوليد الكهرباء، من خلال طرح استثمارات أولية في انتاج الألواح الشمسية لكونه، في النهاية، يعد خيارًا مستدامًا، فضلًا عن الارتقاء بواقع الصناعات التحويلية، مثل الصناعات الغذائية والمواد التي تعتمد على الموارد المحلية، وأن هذه الصناعات تحتاج إلى دعم حكومي وتسهيلات للمستثمرين." ويؤكد نجم إمكانية تطوير الثروة السمكية والدواجن، لانهما يعدان مصدر دخل سريع ومستدام، مشيرًا إلى أن "هذه الموارد تحتاج إلى تخطيط ستراتيجي ودعم حكومي لتطويرها بشكل فاعل."
