الأوسع والأحدث في تاريخ العراق مذكرة تفاهم مع "(جي إي فيرنوفا") الأميركية لإنتاج ألف ميغاواط من الكهرباء

عباس عبد الرحمن /

وقّع العراق مع شركة "جي إي فيرنوفا" الأميركية للطاقة مذكرة تفاهم لإنتاج الطاقة الغازية المركّبة بما يناهز 24 ألف ميغاواط. ورعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني "مراسم توقيع مذكرة تفاهم" بين وزير الكهرباء زياد علي فاضل وممثل عن (جي إي فيرنوفا)، تشتمل على مشاريع لمحطات إنتاج الطاقة الغازية المركبة بحدود 24 ألف ميغاواط، في "خطة هي الأوسع والأحدث في تاريخ العراق". بالإضافة إلى "إنشاء ما يصل إلى ألف كيلومتر من البنية التحتية الجديدة لنقل التيار المباشر العالي الجهد". جاء الإعلان على هامش زيارة لبعثة من نحو 60 شركة أميركية هي "أكبر بعثة تجارية أميركية في تاريخ العراق" بغية توقيع عدد من الاتفاقات مع القطاع الخاص. وتسعى الحكومة العراقية للحفاظ على التوازن في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع حليفتها الستراتيجية الأميركية، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بينهما في العام 2024 نحو 9,1 مليار دولار بحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة. وبعدما كانت تعتمد محطات إنتاج الطاقة العراقية بشكل كبير على الغاز الإيراني في تأمين ثلث حاجات البلاد من الطاقة، لم تمدّد إدارة ترامب في آذار الإعفاء الممنوح للعراق منذ 2018 لشراء الكهرباء من طهران، بالرغم من العقوبات الأميركية على إيران. وتؤكد بغداد سعيها إلى إيجاد بدائل من وارداتها من الغاز الإيراني قبل الصيف. وبحسب أرقام رسمية، يتوجب على العراق إنتاج نحو 55 ألف ميغاواط من الكهرباء سنويًا ليحول دون انقطاع التيار، غير أن الإنتاج حاليًا يصل إلى نحو 16 ألف ميغاواط. وتسعى وزارة الكهرباء العراقية إلى أن يتجاوز الإنتاج 27 ألف ميغاواط هذا الصيف. استقلالية الطاقة يؤكد مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية فرهاد علاء الدين، في تصريح، أن الحكومة العراقية "وضعت خططًا لتحقيق استقلالية الطاقة وتلبية احتياجات الشعب العراقي من الكهرباء المستقرة وغير المنقطعة". ويشير إلى أن مذكرة التفاهم التي وقعها العراق مع "جي إي فيرنوفا" تعكس "العلاقة المستدامة مع الشركات الأميركية التي يمكنها توفير الخبرات والخدمات التي يحتاج إليها العراق ".مضيفًا أن "العراق أرض فرص للشركات الكبرى للعمل والاستثمار فيها". ورعى السوداني كذلك مراسم توقيع "مذكرة ثانية تضمّنت مبادئ التعاون بين وزارة الكهرباء ومجموعة (يو جي تي رينووبلUGTRenewable ) لإنشاء مشروع متكامل للطاقة الشمسية بسعة ثلاثة آلاف ميغاواط." بالإضافة إلى "إنشاء ما يصل إلى ألف كيلومتر من البنية التحتية الجديدة لنقل التيار المباشر العالي الجهد". ووقع اتحاد الغرف التجارية العراقية وغرفة التجارة الأميركية مذكرة تفاهم "لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتعاونية والعلمية والتكنولوجية القائمة". وقال رئيس البعثة التجارية الأميركية ستيف لوتس: "هناك الكثير من الفرص في مجال النفط والغاز ونريد أن تسعى الشركات الأميركية إلى تحقيقها". ووقع العراق أيضًا خلال زيارة أجراها السوداني لواشنطن في نيسان 2024، مذكرات تفاهم في مجال الطاقة والمحروقات إحداها مع جنرال إلكتريك "لصيانة وتحديث قطاع الكهرباء في العراق لمدة 5 سنوات". تمويل دولي للمشاريع تُتيح اتفاقية (العراق و"جي إي فيرنوفا) الأميركية، لإنتاج 24 ألف ميغاواط من الكهرباء، إمكانية تأمين التمويل الخارجي من البنوك العالمية، ما يُخفف العبء المالي عن الحكومة العراقية ويُسهم في تنفيذ المشاريع بكفاءة وفعالية. يقول الخبير المالي والمصرفي د. محمود داغر لمجلة "الشبكة العراقية": تحقيق ذلك يمكن أن يتم بالشكل التالي: قيام العراق بتقديم ضمانة سيادية من خلال وزارة المالية إلى شركة (جي إي) تستطيع الأخيرة استخدامها لاستجلاب تمويل للمشروع من مصارف عالمية كبيرة، ويصبح ذلك دينًا على العراق يسدده لاحقًا عند التمكن ماليًا وبشروط يجري الاتفاق عليها. ويضيف: هنالك احتمال التوصل إلى دعم مجموعة البنك الدولي لتمويل المشروع، على الرغم من صعوبة ذلك، كون العراق من شريحة الدول متوسطة الدخل، ولكن المجموعة في الظروف الطارئة قد توافق. وتسعى بغداد للحفاظ على التوازن في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع حليفتها الستراتيجية واشنطن، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما في العام 2024 نحو 9,1 مليار دولار بحسب مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة. تكمن أهمية مذكرة التفاهم بين العراق وشركة جي إي فيرنوفا (GE Vernova) الأميركية في انها تمثل خطوة ستراتيجية لها أهمية اقتصادية وفنية كبيرة، وتستهدف معالجة التحديات المزمنة في قطاع الكهرباء. أهمية الاتفاقية أولاً: الأهمية الاقتصادية 1 - تقليل استيراد الطاقة والوقود: العراق يعتمد على الغاز الإيراني لتشغيل العديد من محطات الكهرباء، وهذه الاتفاقية ستُساهم في تقليل الاستيراد، وتوفير مليارات الدولارات سنويًا. -2 جذب التمويل الدولي: المذكرة تفتح باب الشراكة مع المؤسسات المالية العالمية لتمويل المشاريع، ما يُقلل الضغط على الميزانية العامة للدولة. -3 خلق فرص عمل: بناء وتشغيل المحطات الكهربائية سيؤدي إلى توفير آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، ما يُنعش الاقتصاد المحلي. -4 زيادة الإنتاج الصناعي: توفر الكهرباء المستقرة يُشجع على نمو القطاع الصناعي والزراعي والتجاري، ويُحفز الاستثمارات المحلية والأجنبية. ثانياً: الأهمية الفنية -1 تقنيات الدورة المركبة: (Combined Cycle): هذه التكنولوجيا تُستخدم فيها الحرارة الناتجة من التوربينات الغازية لتوليد بخار يُشغل توربينات إضافية، ما يزيد من كفاءة المحطة إلى أكثر من 60% مقارنة بـ 35-40% في المحطات التقليدية. -2 تحسين استقرار الشبكة الوطنية: إدخال محطات جديدة ذات كفاءة عالية وتكنولوجيا حديثة يُعزز من استقرار التزويد الكهربائي ويُقلل من الانقطاعات المتكررة. -3 نقل المعرفة والتدريب: من بنود المذكرة التدريب والتأهيل للكوادر العراقية، ما يُسهم في بناء قدرات محلية مستدامة لتشغيل وصيانة المحطات. ثالثاً: الجدوى الستراتيجية - الأمن الطاقي: تأمين الطاقة محليًا من مصادر داخلية عبر مشاريع ذات طابع استثماري مستدام. - التحول نحو الاستدامة: استخدام تقنيات حديثة ذات انبعاثات أقل، ما يندرج ضمن خطة الانتقال إلى طاقة أنظف وأكثر كفاءة. - التموضع الجيوسياسي: تقليل الاعتماد على دول الجوار يعزز استقلالية القرار الطاقي العراقي ويُقلل من المخاطر السياسية. بشكل عام، تُعد هذه الاتفاقية خطوة محورية نحو تحقيق الاستقرار في قطاع الكهرباء في العراق، وتعزيز قدراته الإنتاجية، وتقليل الاعتماد على المصادر الخارجية، ما يُسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين ودعم التنمية الاقتصادية في البلاد.