100%
استطلاع/ محسن العكيلي
يواجه العديد من الممثلين مأزقًا فنيًا حين يرتبطون بشخصية واحدة تلاحقهم طوال مسيرتهم، حتى تكاد تصبح جزءًا من هويتهم في نظر الجمهور وصنّاع الدراما.
هذه الظاهرة تفتح بابًا واسعًا للنقاش، بين من يعدّها تكريسًا للنجاح، ومن يراها تُحد من طاقات الفنان وتقيّده في أُطر ضيقة.
يبدو أن الممثل، مهما بلغت موهبته، يبقى رهينة الانطباع الأول إن لم تُفتح له أبواب التنوع والابتكار. وبين كسل بعض صنّاع الأعمال، وسطحية تسويق بعض الأدوار، تظل موهبة الممثل بحاجة إلى من يؤمن بها، لا من يحبسها في قالب واحد.
التداخل بين الخيال والواقع يُربك الفنان، ويؤثر على اختياراته المستقبلية، وقد يضطر أحيانًا لرفض أدوار جيدة، خشية ترسيخ الصورة النمطية، ما يجعل التحرر من (الكاركتر الواحد) ضرورة نفسية وفنية، لا مجرد مطلب إبداعي.
مشكلة حقيقية
الفنان عادل عثمان، الذي اعتاد الجمهور رؤيته في دور رجل الأمن، يصف هذه الظاهرة بأنها (مشكلة حقيقية) تواجه الفنان. ويقول في حديث مع "الشبكة العراقية": إن "ترسخ الشخصية في ذهن الجمهور والمخرجين يصعّب كثيرًا الخروج من عباءتها، حتى أنني لا أطلب هذا الدور، لكنه يُعرض عليّ باستمرار، ربما لأن شكلي يوحي بذلك."
ويضيف: "بالرغم من مشاركتي في عشرات الأعمال التي لا علاقة لها برجل الأمن، إلا أن أربعة أعمال فقط جسدت فيها هذا الدور، بقيت راسخة في الأذهان."
تقمص الشخصية
أما الفنانة بيداء المعتصم، فتحدثت عن أثر الشخصيات الشريرة على صورتها في المجتمع: "الشخصيات التي قدمتها كانت خبيثة ومعقدة، وسببت لي إشكاليات كبيرة لأن الجمهور صدّق أنها تمثل حقيقتي. في مسلسل (الكهف) قدمت شخصية مختلفة تمامًا، لكن العمل لم يُعرض بالشكل الكافي ليمحو ما ترسخ في ذاكرة المشاهدين."
وتتابع لـ "الشبكة العراقية" أن "تقمص الشخصية يتطلب جهدًا ومراقبة دقيقة، وقد ساعدني أساتذتي كثيرًا في هذا الجانب."
الفنان حسن هادي، المعروف بدور (نائل) في مسلسل (ذئاب الليل)، ألقى باللوم على غياب الإنتاج المحترف، والتسويق الرديء، إذ يقول: "كل مرحلة من تاريخ العراق كانت درامية بامتياز، لكن ضعف الإنتاج والتسويق قتل شخصيات درامية مهمة، مثل (أكرم) في (حفر الباطن). الشخصية الواحدة ليست قدرًا، لكنها نتيجة ضعف في البيئة الفنية."
مفتاح النجاج
الفنان حسين عجاج رأى أن التميز لا يُقاس بتعدد الأدوار، بل بعمق الأداء، مشيرًا إلى أن "هناك ممثلين قدموا عشرات الشخصيات دون أن يُضيفوا شيئًا، بينما دور واحد يُمكن أن يكون مفتاح النجاح."
ويضيف لـ "الشبكة العراقية": "أنا أجد تحدّيًا كبيرًا في أدوار الشر، وأبحث دومًا عن الشخصيات ذات المساحة الحقيقية، لا مجرد عدد الحلقات."
الفنان كاظم القريشي أكد أن الممثل الحقيقي لا يتخصص في نوع واحد من الأدوار، قائلًا: "أنا ضد فكرة التخصص، الموهبة الحقيقية تظهر حين يُتقن الممثل التنقل بين الكوميديا والتراجيديا والتاريخ."
ويتابع: "في مسلسل (غايب في بلاد العجائب) قدمت شخصية كوميدية دون مبالغة في الأداء، وحرصت على تقديمها ككائن حي نابع من الورق لا من الانفعال."
وأشار إلى أهمية البحث والتحضير، مضيفًا "حين جسدت شخصية تاريخية، قرأت كل ما كُتب عنها لأمنحها حقها دون مبالغة أو ابتذال."