محمد عبد الجبار الشبوط /
في مسار بناء الدولة الحضارية الحديثة، يمثل العلم أحد أهم الركائز الأساسية التي لا غنى عنها في تشكيل مجتمع متقدم، عقلاني، ومنتج. فهو العنصر الرابع في المركب الحضاري المكون من الإنسان، الأرض، الزمن، العلم، والعمل، وتحيط به منظومة القيم العليا التي تضبط حركته وتوجهه نحو خدمة الصالح العام وتحقيق التنمية الشاملة. الاستثمار في العلم لا يعني فقط بناء المدارس والجامعات أو تمويل البحوث العلمية، بل يعني إيمانًا عميقًا بأن العقل البشري هو أعظم الموارد، وأن تطوير المعرفة هو الوسيلة الفعالة لمواجهة التحديات وتحقيق النهضة. في عالم تتسارع فيه وتيرة التقدم العلمي، تصبح الأمم المتقدمة هي تلك التي تعطي العلم المكانة الأولى في السياسات الوطنية والستراتيجيات التنموية. إن تفعيل دور العلم في المجتمع يؤدي إلى إنتاج حلول واقعية ومستدامة لمشكلات الحياة اليومية، من الاقتصاد إلى البيئة، ومن الصحة إلى التكنولوجيا. وهذا التفاعل الخلاق بين النظرية والتطبيق يُمكِّن المجتمع من تجاوز التخلف والتقليد، والانتقال إلى فضاء الابتكار والإبداع، وهو ما يتطلب إرادة سياسية حقيقية ونظامًا تعليميًا متينًا ومؤسسات بحثية مستقلة وفعالة. ومن هنا طرحتُ قبل سنوات فكرة النظام التربوي الحديث الذي ينتج جيلًا من الشباب متسلحًا بالعلم الحديث ومنظومة القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري في آن معًا.