100%
حوار/ محسن إبراهيم
منذ تسعينيات القرن الماضي، حين ولوجها عالم الفن، ارتأت أن تكون لها بصمة واضحة في مسيرتها الفنية، إذ تنوعت أدوارها لتختار الأصعب. انتقائية جدًا في ما يخص الشخصيات التي تؤديها، لا تهوى أدوار البطولة بقدر انجذابها لحضور الشخصية وتأثيرها عند المشاهدين، كما تؤمن بأن السعي والاجتهاد هما من يصنع الممثل الجيد. إنها الفنانة صبا إبراهيم، التي كانت في ضيافة ""الشبكة العراقية"" عبر هذا الحوار، حوار ابتدأناه بسؤال:
*من أول خطوة لكِ خلال تصوير كليب غنائي، وإلى هذا الحضور المميز، هل كانت (العصامية)، من أوصلتك لما أنتِ عليه الآن؟
- الكليب كان تذكرة الدخول إلى الوسط الفني، الذي كنت أحلم به منذ الطفولة، وكل ماحصل هو توفيق من الله، دخولي عالم التمثيل جابهته معارضة الأهل، باستثناء والدتي التي شجعتني منذ الصغر، حينها قررت الانتقال من معهد المعلمات إلى معهد الفنون الجميلة، ومنذ بداياتي كان الترحيب كبيرًا من قبل الأساتذة والأصدقاء، ومن خلال سنوات دراستي في المعهد، توالت الفرص في المسرح الجاد، ولن أنسى احتضان الفنان محسن العلي ودعمه لي، حتى وصلت إلى ماوصلت إليه اليوم.
*من يتابع أعمالك، يرى اهتمامك بنوعية الأدوار وعمقها وثقلها وتأثيرها على الجمهور، دون الاهتمام بادوار البطولة، ما السبب؟
- في مسألة الأدوار، أنا انتقائية جدًا، وفي بعض الأحيان أجد أن الأدوار الصعبة هي من تختارني، وحين أقرأ أي نصّ، بالتأكيد أتمنى أن أحصل على دور البطولة، لكن هذا يكون رهن بعض القناعات، بالنسبة لي، أجد أن البطولة الجمعية هي محور نجاح العمل، قد لا أحصل على دور البطولة، لكن من الممكن أن أؤدي (كاركتر) صعبًا ومهمًا، وبالتالي يمكن للممثل أن يصنع من الدور الثاني، بطلًا أولًا، وهذا ماحصل معي، لأني أعشق الأدوار الصعبة.
كما أني أحاول إعادة صياغة الشخصية على الورق، وأحولها إلى شخصية حقيقية ومقنعة.
بالمناسبة أدواري الجريئة أبعدتني عن أدوار الحبيبة، وبتّ أبحث عن الأدوار المركبة والشخصيات الصعبة.
*بين التراجيديا والكوميديا، كيف لكِ أن تتقمصي الأدوار رغم صعوبتها؟
- السعي والاجتهاد يجعلانك ممثلًا جيدًا تجيد كل الأدوار، عملت في (حامض حلو) و(نص كم)، وهما عملان كوميديان، وعملت أدوارًا تراجيدية تختلف تمامًا في مسلسلات (طيبة) و(ألماس مكسور) و(أحلام السنين)، وغيرها من الأعمال.
*ما رأيك بما يقدم اليوم من أعمال درامية؟
- بالتأكيد كفنانين نطمح إلى الأكثر والأفضل، هناك انفتاح وتنوع في النصوص، وممثلون جدد ولجوا الوسط الفني، ومخرجون يعملون بحداثة، كل هذه الأمور تبشر بالخير، لكن تبقى مسألة الإنتاج هي المحرك الأول لكل الأعمال، بمعنى إن لم تكن هناك ميزانية عالية للعمل، ستكون هناك خيارات محدودة تقيد نوعية العمل، فضلًا عن مسألة الأجور التي عادةً ما تكون متدنية، نوعًا ما.
*هل تؤمنين بنظام (الكروبات) في العمل الفني؟
- أنا لا أعاني من نظام (الكروبات)، لكنني ضد أن تُحتكر الأعمال لبطل واحد، أو أن يُكرر في كل عمل، ويبقى محبوسًا في شخصية ثانوية، وضد عدم منح الفرص للآخرين، إذ لا يمكن أن تفرض على الجمهور نفس البطل في كل عمل جديد، دون أن يكون هناك تنويع في الشخصيات، لابأس في أن يعمل نظام (الكروبات) على التنويع ومنح الفرص.
*كيف تصفين ولوج مشاهير (السوشال ميديا) عالم الدراما؟
- كل شيء متعلق بالموهبة، بغض النظر عن ماهية الشخص، الموهوب سيثبت نفسه، ومن لا يمتلك الموهبة سيغادر مبكرًا، التمثيل ليس الهمّ الأول عند غالبية مشاهير (السوشال ميديا)، هناك من يحاول أن يستغل الوسط من أجل زيادة المشاهدات، من خلال التصوير والترويج لنفسه، لكي يتعالى على الآخرين، وهناك من يحاول أن يجتهد ويطور نفسه، ويحترم مهنته، والنوع الأخير هو من سوف يستمر ويحقق نجاحات، بفضل موهبته واجتهاده.
*هل من الممكن أن تكون الجوائز معيارًا لنجاح الفنان في دور ما؟
- معنويًا تعني لي شيئًا ما، لأن الفنان حينما يكبر في العمر يصبح حساسًا أكثر، يُحب أن يجري الاهتمام به من قبل المتابعين للشأن الفني.
بالنسبة لي، جائزتي الأولى والأخيرة، الجمهور، من خلال حبه وإنصافه لما أقدم، الجوائز معنوية للفنان، كما ذكرت، تصوّر أن هناك فنانًا عمره الفني قد تجاوز العشرين عامًا، ولم يحظَ حتى الآن بتكريم، أو جائزة واحدة، أحمد الله لأني حصلت هذا العام على العديد من الجوائز، وفي مختلف المحافل.
*أي الشخصيات، من التي جسدتِها، كانت الأقرب لشخصيتك؟
- كل الأدوار كنت أقول عنها جميلة جدًا، حتى جسدت شخصية (إنصاف)، التي يمكنني القول بتفوقها على الشخصيات الأخرى، إذ كانت شخصية مميزة، دخلت قلوب المشاهدين، وهذا ما لمسته من خلال آراء الأصدقاء والنخبة.
نعم، كل أدواري محببة إلى نفسي، سواء التراجيدية أو الكوميدية، لكن كما قلت لك، (إنصاف) كان دورًا مميزًا جدًا.
*أخيرًا، لابد من وجود أمنيات قد تحققت، وأخرى مازالت قيد الانتظار، هلا حدثتِنا عنها؟
- بالنسبة لي، تعديت مرحلة الأحلام، أنا الآن في مرحلة الطموح وتحقيق الأهداف، التي أضعها أمام عيني، وأروم تحقيقها بكل الوسائل، وينسحب هذا على التمثيل، مثلًا، لا أريد تكرار دور الأم، أو شخصية (إنصاف) مرة أخرى، ما يهمني اليوم، تقديم شيء مختلف عن ما قدمته سابقًا، هذا واحد من قائمة الأهداف التي أسعى لتحقيقها، وتبقى القناعة مفتاح كل شيء.
هذا الأمر جعلني أكثر ثقة بنفسي، وألا أندم على شيء مضى، أولًا وأخيرًا، التوفيق من الله.