محمد الصوفي.. شاب اختار أن يكون فاعلًا لا متفرجًا

قصة نجاح

محمد الصوفي.. شاب اختار أن يكون فاعلًا لا متفرجًا
100%

ريا عاصي 

"كل زاوية في المدينة تحمل قصة، وكل جدار يحكي ذاكرة… وعملي هو محاولة لإعادة هذه الذاكرة إلى الناس." بهذه الكلمات عبّر محمد الصوفي عن رؤيته للعمارة والحياة في بغداد. عنوان كتابه (بيت، شارع، مدينة)، ليس مجرد اسم، بل تجسيد لشغفه العميق بمدينته، ولشارع المتنبي وشارع الرشيد، المكانين اللذين يرى فيهما قلب الثقافة والتاريخ ينبض رغم الخراب والتغييرات.

نشأ الصوفي في بغداد، وشاهد التحولات التي مرت بها المدينة بعد سنوات من الإهمال، ليصغي منذ صغره إلى صرخات جدرانها القديمة. كان يدرك أن العمارة ليست مجرد بناء، بل ذاكرة حيّة، ومساحة للحياة، وقصة كل من يسكن فيها. هذا الوعي المبكر دفعه للسعي وراء دراسة معمقة؛ فحصل على ماجستير تصميم وإدارة التقنيات الإنشائية من جامعة بوليتكنيك ميلانو عام 2013، وماجستير علوم العمارة عام 2019، ليعود إلى العراق محملًا برؤى جديدة ومهارات عالمية، لكنه ظل متصلًا بروح المدينة التي تربى فيها.

عُيّن الصوفي - لاحقًا- استشاريًا معماريًا في مشروع (نبض بغداد)، الذي يسعى لإعادة الحياة إلى شارع الرشيد، قلب التراث والتجارة في العاصمة، من خلال ترميم واجهات المباني التاريخية، ومشاركة الحرفيين المحليين في العمل، ركّز على أن الحفاظ على هوية المدينة لا يقل أهمية عن إعادة تأهيل المبنى نفسه. هذا المشروع لم يكن مجرد عمل هندسي، بل رسالة حية عن كيفية دمج الخبرة العالمية مع الموروث المحلي لإعادة إحياء الأماكن التي تحمل قيمة ثقافية واجتماعية.

الصوفي لم يقتصر على العمل الميداني، بل جمع في كتابه ومقالاته رؤاه حول العلاقة بين الإنسان والمكان، موضحًا كيف يمكن للعمارة أن تكون وسيلة للتغيير الاجتماعي والثقافي، وليس مجرد شكل جمالي. يشدد على أهمية الفضاءات العامة في دعم حياة المجتمع، وخلق أماكن يشعر فيها الناس بالانتماء والارتباط بماضي مدينتهم وحاضرها.

بعيدًا عن العمل والكتابة، يرتبط الصوفي بحياة بسيطة. يجد في الشاي العراقي لحظة تأمل وراحة، وفي كرة القدم نموذجًا للتنظيم والعمل الجمعي الذي يطبقه في مشروعاته. هذه التفاصيل الصغيرة تكشف عن شخصيته المتواضعة والمتوازنة، التي تسمح له بأن يرى المدينة بعين الباحث عن الجمال والذاكرة، لا مجرد المبنى وحده.

قصة محمد الصوفي قصة شاب عراقي اختار أن يكون فاعلًا، لا متفرجًا، على مصير مدينته. حوّل حبه وبصيرته وعلمه إلى فعل ملموس يحمي هوية بغداد ويعيد لها نبضها، مثبتًا أن الشغف الحقيقي يظهر في العمل والإنجاز، لا في الأقوال، وأن الشباب قادرون على أن يصنعوا فرقًا حقيقيًا عندما يدمجون الطموح بالحب والعطاء.

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج