ما لم تعرفه حكيمة!

اعمدة

ما لم تعرفه حكيمة!
100%

عامر بدر حسون/

كانت هي الجميلة والمتحضرة وبنت الأغنياء. لذلك اكتفى صاحبنا بملاحقتها بنظراته دون ان يخبر أحدا. بيد ان اغلب زملائه في جامعة بغداد كان يعرف قصته، فاغلبهم (في السبعينات) كان يعيش قصة حب مشابهة لقصة صاحبنا:

حب من طرف واحد!

والكل يعرف «عدّة» هذا النوع من الحب: صفنات وشرود ومراقبة من بعيد لبعيد واحلام يقظة لا تنتهي، فضلا عن الذوبان في اكثر الأغنيات حزنا وشوقا. ووفق مقاييسه هو فقد وصل من البداية لنتيجة تقول: «هيّ وين واني وين»؟! فهي من اهالي الحلة وأبوها لديه مقهى صغير على الشط، وهو ابن الديوانية وابن العائلة الفقيرة. لكنه خلد قصته برغم ذلك.. فقد جمع بحذر شديد كل المعلومات التي يحتاجها للاستمتاع بحبه والتقدم باتجاهه خطوة ابعد. ولم يكن يحتاج اكثر من:

عنوان مقهى والدها في الحلة!

في نهاية كل اسبوع كان يذهب من بغداد أو من الديوانية الى الحلة، ولم يتخلف مرة واحدة عن هذا الموعد المقدس طيلة سنوات الدراسة. ينزل من السيارة ويتجه الى المقهى، كمن يتجه الى موعد حب. وعندما يصل

ويجلس كان ينتشي وهو يخاطب صاحب المقهى بكلمة عمي!

- عمي شاي! عمي ماي!

وكان يتلذذ بشاي المقهى وكأن (حكيمة) هي من صنعته وهي من قدمته له! لقد وصل الى حبيبته وعائلتها على «سنة الحب»، ما دام عاجزا كليا عن الوصول اليها على «سنة الله ورسوله»! لم تعرف البنت «حكيمة» حتى اللحظة قصة صاحبنا. وانتهت الجامعة «ومضى كل الى غايته» كما تقول أم كلثوم، من دون ان يتبادل معها كلمة أو اشارة..

ولمَ يفعل هذا؟

انه يعرفها ويحبها ويعرف والدها، وهو سكر بألذّ شاي في الدنيا من يد ابيها الذي هو عمه، وسافر من أجلها في كل عطلة، وسبح في احلام لامثيل لها حتى في الأحلام! فما الحاجة لكلمة أو اشارة تنزل بالواحد من علياء الحلم الى مرارة الواقع؟

اهدي هذا التذكر الى (حكيمة) التي لم تعرف شيئا من هذا، والى صاحبنا الذي حول حبه الى رحلة حياة حقيقية تذوّق فيها ألذّ شاي من يد «عمّه» ابو حكيمة. اهديها ايضا الى أيامنا هذه، التي شاع فيها الغضب والتذمر، وجفت فيها المشاعر، وندر فيها من تذوق رحلة الحياة الساحرة وطعم ذلك الشاي. وقد كتبتها هنا لان الشاي الذي قدمته لي أم نوار اليوم (وهي من روت لي القصة) كان يشبه شاي ابو حكيمة! فهذه هي التسمية التي نطلقها في البيت على كل تجربة شاي ناجحة!

كتبتها ونحن نستمع الى محمد عبد المطلب وهو يجسد تجربة صاحبنا في اغنيته الشهيرة:

«ساكن في حي السيدة/ وحبيبي ساكن في الحسين

وعشان انول كل الرضى/ يوماتي اروح لو مرتين)!

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج