الغدّة اللئيمة!!

اعمدة

الغدّة اللئيمة!!
100%
حسن العاني/

على الدوام هناك ما يعلق في ذاكرة الصحفي، بحكم الساحة العريضة التي يتحرك عليها، حيث (الناس) بشتى مسمياتهم، و(المسؤولون) على تباين مراكزهم ودرجاتهم الوظيفية، ولعل من أغرب ما صادفني هو ذلك المؤتمر الذي حضرته في منتصف العقد التسعيني من القرن الماضي، فقد تحدث (المدير) كما تقضي الأعراف عن دائرته، وكما تقضي الأعراف كذلك، شرّق وغرّب وفصّل، ولم يستوقفني شيء من كلمته، باستثناء الاشارة الى ان هناك (342) مشروعاً على لائحة الانجاز، ولكن العمل (مع الأسف-على حد تعبيره) توقف فيها بسبب (الحصار الجائر)، ولابد ان مشاريع بهذا العدد، هي الى (النكتة) أقرب منها الى الواقع، غير ان دهشتي زالت عندما أوضح الرجل، ان هناك مشروعاً واحداً يمثل بناء سياج للدائرة، ومشروعاً واحداً يخص طلاء قاعة الاجتماعات، في حين هناك (340) مشروعاً، هي عبارة عن شتل أشجار حول الدائرة وأمامها (أي ان كلّ شجرة مشروعٌ)، وبصعوبة بالغة منعت نفسي من الضحك! أعترف سلفاً بوجود غدة لئيمة في دماغي، ولهذا حين فرغ من حديثه سألته (أستاذ.. أسعدتنا حقاً بهذا الكم الكبير من المشاريع الستراتيجية، ولكن ما علاقة السياج مثلاً بالحصار، لأن المواد الأولية لمثل هذه المشاريع متوفرة محلياً؟)، وكان سؤالي عابقاً بالسخرية، ولكن الرجل لم يغضب لهذا السبب، بل كان غضبه سياسياً وهو يردُّ عليّ (أنا لا أسمح بمثل هذه الأسئلة التي تتعارض مع توجيهات القائد!) وتيقنت وأنا أرتجف، إن هذا المدير أغبى مما كنت أظن، والا كيف يتصور انني يمكن ان أفكر مجرد تفكير بطرح أسئلة تتعارض مع توجيهات القائد، ولذلك لم أنطق بحرف واحد! المصادفة الغريبة قادتني الى لقاء الرجل بعد خمس سنوات، ولاحظت انه لم يضعني بين محتويات ذاكرته، وفي كلمته الافتتاحية – كما تقتضي الأعراف - أعاد حديثه القديم عن وجود 442 مشروعاً وعن الحصار.. الخ، وتحركت الغدة اللئيمة، وأعدت عليه السؤال القديم كذلك فاستشاط غضباً، وإتهمني (بالمباشر) بأنني من أعداء صدام، فأعتذرت ثم لذت بالصمت.. ومضت بضع سنوات وسقط النظام، وكنا على أبواب تسلم مساعدات من الدول المانحة، وشاءت المصادفة من جديد ان ألتقي بالرجل للمرة الثالثة (لم يتم ابعاده عن منصبه أو اجتثاثه، مع إنه كان صدّامياً أكثر من أي بعثي)، ومثل المرات السابقة تحدث عن وجود (442) مشروعاً يحول من دون تنفيذها موقف الدول المانحة، وكالعادة سألتهُ غدتي عن علاقة مثل هذه المشاريع بالمساعدات؟ ثارت كل خلية في جسده وإتهمني بلسان فصيح، إنني من (أنصار صدام) فاعتذرت وأنا أرتعد لأن تهمة (أعدام صدام) أهون بكثير من تهمة (أنصار صدام)، ومن يومها أقسمت ان لا أحضر أي مؤتمر!!

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج