ريا محمود
لم تمر مأساة غزة الأخيرة مرور الكرام، فقد أثارت صدى واسعًا في العالم، وأجبرت المجتمع الدولي على إعادة النظر في موقفه تجاه فلسطين. القصف والهجمات الوحشية على المدنيين، والدمار الواسع، الشهداء والجرحى المدنيون، أعادوا القضية الفلسطينية إلى قلب الاهتمام الدولي، لتصبح المأساة الفلسطينية حافزًا لتسريع الاعتراف بدولة فلسطين ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
مسيرة متصاعدة منذ إعلان منظمة التحرير الفلسطينية الاستقلال في الجزائر عام 1988، بدأت مسيرة الاعتراف الدولي بفلسطين تتسع عامًا بعد عام، مع أكثر من 80 دولة اعترفت بالدولة الفلسطينية في تلك الفترة. وتواصلت الاعترافات لتصل اليوم إلى أكثر من 140 دولة، من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة.
وكان 29 تشرين الثاني 2012 محطة فارقة عند الفلسطينيين، حين منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة، فلسطين، صفة "دولة مراقب غير عضو" بتصويت 138 مؤيدًا مقابل 9 ضد القرار. في السنوات الأخيرة، اتخذت دول أوربية عدة خطوات جديدة: السويد عام 2014، ثم إيرلندا وإسبانيا والنرويج في أيار 2024. ومع أحداث غزة، شهد العالم موجة متسارعة: أستراليا وبريطانيا وكندا والبرتغال، دول أعلنت اعترافها في 21 أيلول 2025، تلتها فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا، في اليوم التالي، خلال مؤتمر "حل الدولتين" في الأمم المتحدة، ليصل العدد الإجمالي إلى نحو 160 دولة.
المرأة في قلب المعركة ليس الاعتراف السياسي وحده هو ما يمنح فلسطين قوة، إذ يعززه صمود المرأة الفلسطينية أيضًا. فهي شريك أساسي في النضال، تحمي الهوية الوطنية، وتعيد البناء وسط الدمار، لتصبح رمزًا حيًا للصمود والإبداع، داخل فلسطين وخارجها.
بغداد تحتضن فلسطين وفي بغداد، انعكست هذه الروح التضامنية بشكل حيّ في لقاء نظّمته سفارة دولة فلسطين لدى العراق يوم الثلاثاء 23 أيلول 2025، تحت رعاية السفير أحمد الرويضي، بحضور وزيرة شؤون المرأة الفلسطينية منى الخليلي، ونساء الجالية الفلسطينية، بالإضافة إلى ناشطات وإعلاميات عراقيات، وممثلين عن وزارات الخارجية والصحة والهلال الأحمر، فضلًا عن ممثلي الفصائل الفلسطينية.
استهل السفير اللقاء بكلمة ترحيبية، مؤكدًا على دور العراق في احتضان جرحى غزة ووقوفه إلى جانب الفلسطينيين في أصعب الظروف، مشددًا على عمق الروابط التاريخية بين الشعبين. ثم ألقت الوزيرة منى الخليلي كلمة ركّزت فيها على الدور الريادي للمرأة الفلسطينية في النضال الوطني وإعادة البناء، مؤكدة أن النساء الفلسطينيات يمثلن نموذجًا للصمود والإبداع في الداخل والشتات.
أصوات عراقية وفلسطينية ألقت النائبة آلا طالباني كلمة أشادت بصمود النساء الفلسطينيات، معتبرة تجربتهن مصدر إلهام لجميع نساء المنطقة. فيما ألقت ممثلة رابطة المرأة العراقية الدكتورة خيال الجواهري كلمة، بينت فيها مدى تعاون الحركة النسوية في البلدين، فيما مثّلت الشابة نوف عاصي صوت شابات العراق، حين تحدثت عن دور النساء في مواجهة العنف أثناء الحروب، مؤكدة على أهمية التضامن النسوي العابر للحدود ومساندة النساء بعضهن بعضًا في مواجهة التحديات المشتركة.
تكريم ورسالة اختُتم اللقاء بتكريم الوزيرة بدرع تقديري من السفارة الفلسطينية، إضافة إلى تكريم شخصيات عراقية وفلسطينية أسهمت في دعم قضايا المرأة والجالية، وقد حضرت مجلة "الشبكة العراقية" التغطية الإعلامية للحدث، مؤكدة أن بغداد كانت، كما غزة، مركزًا لتجسيد التضامن الفلسطيني والعربي.