بلا ورق أو سبورة.. ولادة جيل رقمي جديد العراق يدخل عصر المدارس الذكية

همسة وائل خمسون مدرسة نموذجية، في بغداد وعدد من المحافظات العراقية، دخلت رسميًا عصر التعليم الذكي، في خطوة وصفها خبراء التعليم بأنها نقلة نوعية توازي التجارب العالمية في التعليم الرقمي. هذه المدارس المزودة بأحدث التقنيات جاءت نتيجة مبادرة حكومية طموح تقودها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتهدف إلى إعداد جيل قادر على مواكبة التطور التكنولوجي العالمي. الطرق التقليدية تُستبدل الدفاتر والأقلام التقليدية بأجهزة لوحية لكل طالب، تحتوي على المناهج الدراسية كاملة، ما يتيح لهم التعلم التفاعلي أينما كانوا داخل الصف. كما سوف تُستبدل السبورات التقليدية بشاشات ذكية تفاعلية تسمح للمعلمين بعرض الدروس بطرق مبتكرة، وتشجع الطلبة على المشاركة الفعلية بدل أن يكونوا مجرد متلقين. يذكر المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيدر مجيد، أن رئيس مجلس الوزراء وافق على مقترح تحويل 50 مدرسة في مختلف المحافظات إلى مدارس ذكية، بحيث يجري إدخال التقنيات الحديثة كافة لتكون الدراسة إلكترونية بالكامل. أضاف مجيد أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى لمشروع الأبنية المدرسية النموذجية، التي شملت افتتاح 1000 مدرسة في عموم المحافظات. ففي اليوم نفسه جرى افتتاح 210 مدارس في 8 محافظات، بينما جرى افتتاح 790 مدرسة في الثالث والعشرين من تشرين الثاني من العام الماضي، ما يُنهي المرحلة الأولى التي هدفت إلى تحسين البنية التحتية للقطاع التربوي. وأشار إلى أن المشروع يُعد الأول من نوعه الذي يُنفذ في إطار الاتفاق بين العراق والصين، وقد جرى تنفيذه بطريقة احترافية، دون أي تأخير أو توقف، بالتنسيق مع وزارات: الإعمار والإسكان، والتخطيط، والمالية، والتربية، ومديريات التربية في المحافظات. وأكد مجيد أن المشروع أسهم في القضاء على المدارس الطينية والكرفانية، وتقليل ظواهر الدوامات المزدوجة والثلاثية. مشيرًا إلى أن التصاميم الحديثة والمساحات الكبيرة والتقنيات الهندسية المتطورة تجعل من هذه المدارس بيئة تعليمية متطورة تشجع على التفاعل والتعليم الفعّال. وتشمل تجهيزات المدارس الذكية مختبرات الكيمياء والفيزياء والأحياء، وقاعات دراسية إلكترونية، وقاعات للغة الإنجليزية، وغرفًا للأنشطة الفنية والثقافية والرياضية، ومجاميع صحية خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، لأول مرة في المدارس الحكومية بالعراق. خطوة رائدة من جانبه، أوضح الأمين العام لمجلس الوزراء، حميد نعيم الغزي، أن تجربة المدارس الذكية في العراق خطوة رائدة لتنمية قدرات الطلبة وتهيئة جيل قادر على قيادة البلد في المستقبل. أضاف الغزي أن المشروع يأتي ضمن أولويات البرنامج الحكومي. مشددًا على أهمية تدريب الملاكات التدريسية على الأنظمة الحديثة المستخدمة في هذه المدارس. 50 مدرسة نموذجية سوف تُجهز بالشاشات الذكية، و8000 جهاز لوحي محمّل بالمناهج الدراسية للطلبة المتفوقين، إضافة إلى استخدام الطاقة النظيفة داخل كل مدرسة. من جانبه، أوضح المهندس عمار عويد خضير، ممثل الأمانة العامة للمجلس والمسؤول عن المشروع الوطني للأبنية المدرسية في ذي قار، أن عدد المدارس المنفذة في المحافظة بلغ 106 مدارس، لتحتل المرتبة الثانية بعد بغداد ضمن مشروع الـ1000 مدرسة. وأضاف أن التصاميم جاءت حديثة ومتنوعة، مع توزيع المدارس وفق الكثافة السكانية واحتياجات المناطق، وجرى تخصيص مدرستين في كل قضاء. وأشار خضير إلى أن التنفيذ جرى بإشراف الشركة الصينية ومقاولين متخصصين، وتم تجاوز التحديات الناتجة عن الأوضاع العامة والتظاهرات بمساعدة الحكومة المحلية والدعم المركزي. وجرى حتى الآن تسليم 96 مدرسة إلى مديرية تربية ذي قار، بينما تنتظر 10 مدارس أخرى استكمال إجراءات التسليم الرسمية خلال الأسبوع الحالي. وأكد خضير أن مشروع المدارس يُعدّ من أهم إنجازات الحكومة العراقية خلال العقود الأخيرة، إذ يجري تنفيذ 1000 مدرسة خلال ثلاث سنوات بمواصفات عالية الجودة، وتوجيه مباشر من رئيس الوزراء، ومتابعة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء. تعاون دولي على الصعيد ذاته، ذكر مدير إدارة مشروع المدارس (باور جاينا)، وانك جيسون، أنه جرى حتى الآن تسليم 697 مدرسة في 10 محافظات من أصل 1000، بينما تشرف شركة أخرى على إنجاز 303 مدارس متبقية. وأكد أن المشروع ممّول بالكامل من الحكومة العراقية وينفذ بإشراف صيني محترف، ما جعله نموذجًا ناجحًا في التعاون الدولي. كما أوضح المدير التنفيذي للمشروع، لي جاو جي، أن تجربة محافظة ذي قار كانت ناجحة بامتياز، وأن شركته تعمل مع الحكومة على مراحل جديدة تشمل مدارس إضافية، إضافة إلى مشروع إنشاء مستشفى حديث ومتكامل في المرحلة المقبلة. تمثل هذه المبادرة بداية جادة نحو التعليم الحديث في العراق، مؤكدة التزام الحكومة برفع مستوى التعليم وتوفير أدوات تعلم متقدمة للجيل الجديد. وبينما يبقى الطريق طويلًا لتحقيق التحول الرقمي الشامل في جميع المدارس، فإن خمسين مدرسة نموذجية تمثل الشرارة الأولى التي ستشعل ثورة التعليم الذكي في العراق، لتضع الطالب العراقي على مسار المستقبل الرقمي بثقة وتفاؤل.