100%
حوار/ أحمد الهاشم
الدكتور واثق منصور خبير عراقي وصاحب مسيرة علمية كبيرة، وهو اليوم عميد كلية الهندسة وتقنية المعلومات في جامعة دبي، ويوظّف الذكاء الاصطناعي في الطب والصناعة، وصولًا إلى تصميم الأنظمة المتقدمة.
في هذا الحوار، مع "الشبكة العراقية"، يحدثنا الدكتور واثق منصور عن رحلته مع الذكاء الاصطناعي وإسهاماته العلمية، وأهمية توطين الذكاء الاصطناعي في البلدان العربية والتطلعات والتحديات في هذا الصدد.
*كيف بدأت مسيرتك مع الذكاء الاصطناعي؟
-لقد بدأت مسيرتي العلمية والبحثية في مجال الذكاء الاصطناعي منذ ثمانينيات القرن الماضي، أثناء دراستي في الجامعة التكنولوجية. كان مشروعي آنذاك موجهًا إلى علاج مرضى الصرع، إذ عملت على تصميم نظام حاسوبي لاستخلاص الإشارات المفيدة من دماغ الإنسان وإعادتها كتغذية حسية عبر الضوء أو الصوت، بهدف السيطرة على النوبات وتحسين جودة الحياة. وبرغم محدودية التقنيات في ذلك الزمن، فإن هذه التجربة شكّلت نقطة الانطلاق لمسار طويل من البحث والابتكار في هذا المجال.
*ما أهم الإسهامات في مسيرتك العلمية؟
-خلال مسيرتي العلمية، نشرتُ أكثر من 230 ورقة بحثية في المجلات المصنفة ضمن الفئة الأولى عالميًا، إضافة إلى مؤتمرات دولية مرموقة، وهو ما يعكس حجم الالتزام والجهد المبذول في تطوير هذا الحقل الحيوي. إن رحلتي، التي تمتد منذ تجربة علاج مرضى الصرع في الجامعة التكنولوجية، مرورًا بتوظيف الذكاء الاصطناعي في الطب والصناعة، وصولًا إلى تصميم الأنظمة المتقدمة في العقد الأخير، تجعلني مؤمنًا بأننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة.
*كيف تصف مرحلة الذكاء الاصطناعي؟
-إنها مرحلة يصبح فيها هذا الذكاء ليس مجرد تقنية، بل ضرورة ستراتيجية لبناء اقتصاد معرفي ومجتمع مبدع قادر على مواجهة تحديات المستقبل. ومع التطور المتسارع في قدرات الحاسبات في التسعينيات وبداية الألفية، توسعتُ في دراسة تحليل الإشارات الطبية والصور الشعاعية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، للكشف المبكر عن الأمراض والأورام. لقد أثبتت هذه التجارب أن الذكاء الاصطاعي يمكن أن يكون أداة فعّالة بيد الأطباء، تسهم في دقة التشخيص وسرعة اتخاذ القرارات الطبية المنقذة للحياة.
وخلال العقد الأخير، أسهمت القفزات الكبيرة في سرعة المعالجات وتقنيات الاتصال والتخزين في فتح آفاق أوسع أمام الباحثين والمطورين، تمكنتُ من خلالها من تصميم نظم متقدمة للذكاء الاصطناعي وتوظيفها في مجالات متعددة، معتمدًا على الحوسبة الفائقة التي تتيح إمكانات معالجة ضخمة لم تكن متاحة في العقود السابقة.
*كيف نعزز وجود الذكاء الاصطناعي في بلداننا؟
-أنا أؤمن بأن الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم ركيزة أساسية لتطوير القطاعات الحكومية؛ الصناعية، والاقتصادية، والتعليمية. ويمكن استثماره بطرق عديدة، من بينها:
* إقامة ورش عمل لتدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية.
* تطوير منصات وطنية للذكاء الاصطناعي تدعم اتخاذ القرار الستراتيجي.
* تعزيز التعاون بين المؤسسات عبر مشاركة البنى التحتية الحاسوبية الفائقة.
لقد شهدنا في العالم العربي تجارب رائدة، وعلى رأسها تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أنشأت وزارة للذكاء الاصطناعي، وأطلقت جامعات ومراكز بحثية متخصصة، ما جعلها نموذجًا يُحتذى في المنطقة. إن العراق يمكن أن يستفيد كثيرًا من هذه التجارب لتأسيس بنية وطنية متقدمة للذكاء الاصطناعي تسهم في النهضة الاقتصادية والعلمية.
*لماذا هناك مخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل؟
-المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل هي، في تقديري، مبالغ فيها. صحيح أنه يقلل الحاجة إلى بعض المهام الروتينية، لكنه في المقابل يولد وظائف جديدة أكثر تطلبًا للذكاء البشري، وهذا أمر إيجابي يرفع من مستوى كفاءة القوى العاملة ويزيد من إنتاجيتها.
*يقول بعضهم إن الآلات الذكية لا تملك حسًا أخلاقيًا يفرق بين الخير والشر؟
-لا يمكن أن نغفل جانب الأخلاقيات والالتزامات الإنسانية والبيئية. فالذكاء الاصطناعي يجب أن يُصمم وفق آليات حوكمة واضحة تضمن سلامته وانسجامه مع قيم المجتمع واحتياجاته. وعندما نضع هذه الأسس، يصبح الذكاء الاصطناعي أداة آمنة وموثوقة في خدمة الإنسان.
*كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في إيجاد فرص عمل للشباب؟
-لا شك في أن الذكاء الاصطناعي يفتح مجالات عمل جديدة وواعدة أمام الشباب. فهو لا يلغي الوظائف، بل يعيد تشكيلها نحو مستويات أعمق من الإبداع والابتكار.
*كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي؟
-في المجال الإعلامي مثلاً، يمكن للصحفي أن يستعين بالذكاء الاصطناعي في قراءة الأخبار من مصادر متعددة واستخلاص مادة إعلامية أولية غنية، ثم يعيد صياغتها وإخراجها بأسلوبه ومهاراته.