100%
علي السومري
حاز العرض المسرحي العراقي (سيرك)، لمخرجه الدكتور جواد الأسدي، على ثلاث جوائز مهمة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي بدورته 32، بعد عرض حصل على إشادة كبيرة من الجماهير واللجنة التحكيمية. فقد نال جائزة أفضل نصّ مخرج العمل الدكتور جواد الأسدي. أما جائزة أفضل ممثلة فقد قطفتها الدكتورة شذى سالم. في حين كانت جائزة أفضل ممثل من نصيب الدكتور علاء قحطان، الذي حصل عليها مناصفة مع الممثل البحريني محمد عبد الله المرزوق.
شهد المهرجان تكريم كلٍّ من الفنانين الراحلين، سامي عبد الحميد، والدكتورة إقبال نعيم، تثمينًا لما قدماه للمسرحين العربي والعراقي.
عبر حبكة متقنة، قدم (الأسدي) رؤاه في (سيرك)، كاشفًا آلامنا الجمعية بأسلوب بصري مدهش. العمل عدّ صرخة بوجه الظلم والتعسف والسلطة الديكتاتورية، وتضمن اسقاطات واضحة على الزمن المعاش الآن، وجرائم الكيان الصهيوني في غزة، من خلال نصّ تداخل فيه الشعري بالمباشرة لكشف هذه المجازر الفظيعة.
الماضي أساس المستقبل، وما يحدث هناك، سيحدث هنا، لن يختلف شيء سوى زي المجرم، السلطة لن تكشف ما يختبئ خلف ستارها، سلطة مسعورة، تبتز الجميع، فنانين، أدباء، مواطنين، تحول الضعاف منهم إلى وشاة، قساة، قتلة، حتى أن أحدهم قتل كلبه!
أبطال العمل قدموا عرضًا ساحرًا، كان مباراة بين الأفضل والأفضل، أداء محترف، جسده ثلاثة من خيرة الممثلين، الدكتورة شذى سالم، بدور (كميلة)، مزجت بين صلابة المرأة وانكسارها، معبرةً عن الخذلان الذي حطم آمالها وهدّم (سيركها)، مواجهةً هذا الخراب بمقاومتها وصراخها الذي عدّته أقصى ما يمكنها فعله.
نجحت (سالم) بقدرتها التمثيلية الهائلة، في الاستحواذ على مشاعر الجمهور ونظراتهم، وهم يرون كائنًا يتنقل مثل فراشة بين زوايا المسرح، يبكي، ينكسر، ويرقص من الألم.
في حين كان أداء الدكتور أحمد شرجي، بدور (لبيد)، مذهلًا، متمكنًا من أدواته، ناقلًا بحرفية عالية معاناة جيل كامل من الكتّاب، الذين حاولوا الابتعاد عن السطة وجورها، أديب كان يراقب أحلامه وهي تتسرب بين يديه، حالمًا بحياة لم يحظَ بها، معلنًا عن عجزه في مشهد قال فيه كل شيء بعبارة واحدة "نعم سنموت في هذه الحديقة."
أداء (شرجي) كان محفزه شخصية (ريمون)، التي قدمها الدكتور علاء قحطان، بقوة كبيرة، أكدت على قدرة هذا الفنان في تقمص أدواره بحرفية عالية. (ريمون) المهزوم، الواشي، القابل للابتزاز، المستعد لحرق الـ (سيرك) وتاريخه وممثليه من أجل خلاصه الفردي، كيف لا يفعل ذلك، وهو الذي قتل (دودن) كلب (كميلة)، زوجته الحبيبة!
ثلاث شخصيات، نجح (الأسدي) في تصويرها بذهنية العارف، المعلم، سارد الحكايات البصرية، عبر ديكور أبدع في تصميمه الفنان محمد النقاش، الذي برع باستثمار الضوء والظل برمزية عالية من خلال مدينة مشوهة، وأشجار يابسة، وجدران خربة، عكست أرواح أبطال العمل وصراعاتهم الداخلية.
العمل نال ترشيحات كثيرة، منها جائزة أفضل ممثلة، التي رشح لها كل من الدكتورة شذى سالم (العراق)، وسودابة أكبر (البحرين)، وأندريا تانسي (رومانيا)، قطفتها في النهاية الدكتورة شذى سالم.
أما جائزة أفضل ممثل فرشح لها الدكتور أحمد شرجي (العراق)، والدكتور علاء قحطان (العراق)، ومحمد عبد الله المرزوق (البحرين)، ذهبت الجائزة مناصفة بين كل من الدكتور علاء قحطان، ومحمد عبد الله المرزوق.
كما رُشح العرض إلى جائزة أفضل نصّ وقيمته، منافسًا كلًا من بوكثير دومة، عن نصّ (عطيل وبعد) من تونس، ومعز العاشقوري عن نص (روضة العشاق) من تونس أيضًا، نالها المخرج، الدكتور جواد الأسدي عن نصّ (سيرك)، إضافة إلى ترشيحه لجائزة أفضل مخرج.
عرض مسرحي كبير، وجوائز مهمة، ليست جديدة على المسرح العراقي الذي يشهد الجميع له بأنه من أهم المسارح في العالم العربي. نجاح العرض أكد حضور مسرحنا في خريطة المسرحين العربي والعالمي، وعدّ مؤشرًا على قدرة فنانينا على منافسة الكبار في المحافل الدولية.
يذكر أن لجنة تحكيم مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، شُكلت من المخرج والكاتب سالفاتوري بيتونتي (إيطاليا)، رئيسًا للّجنة، والدكتور جبار جودي نقيب الفنانيين العراقيين، المدير العام لدائرة السينما والمسرح (العراق)، والمخرج أحمد العطار (مصر)، والمخرج ناصر عبد المنعم (مصر)، والدكتور سامي الجمعان (السعودية)، والدكتور إيريني مونتراكي (اليونان)، والناقد أندريا بوركيدو (إيطاليا)، فيما تولى المخرج أدهم سيد (مصر) مهمة مقرر اللجنة.