أحمد جعفر
يرى خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي أن تطوير القطاع المصرفي العراقي، يتطلب شراكة بين البنك المركزي والمؤسسات المصرفية، لضمان نجاح الإصلاحات وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المنشودة، بما يرسخ الثقة في القطاع المالي، ويعزز دوره في دعم الاقتصاد الوطني. مركز النهرين للدراسات الستراتيجية، التابع لمستشارية الأمن القومي، شهد انعقاد ورشة الإصلاحات المصرفية، في وقت تجد فيه المصارف المحلية تحديات كبيرة في ظل الإصلاحات التي ينوي البنك المركزي تنفيذها بالتنسيق مع شركة (أوليفر وايمان) الأميركية. وأعاد البنك المركزي -مؤخرًا- فتح ملف إصلاح القطاع المصرفي الخاص، الذي كان قد باشر فيه عبر خطة بالشراكة مع شركة (أوليفر وايمان)، وتتضمن الخطة إصلاحات هيكلية تشمل تحديد سقف الملكية لمنع الاحتكار، وإخضاع المساهمين الرئيسين لعمليات عناية واجبة مشددة. ورقة الإصلاح خلال الورشة، استعرض المشاركون ورقة الإصلاح التي تضمنت التعديلات الأخيرة على القطاع المصرفي، مشددين على أهمية صياغة توصيات شاملة تُرفع إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي، بما يضمن تفعيل إجراءات واضحة وواقعية للنهوض بالقطاع المالي. وأكد الحاضرون على أن نجاح الإصلاحات يتطلب تعاونًا مستمرًا بين البنك المركزي والمؤسسات المصرفية، وتوفير مرونة أكبر للتعامل مع التحديات المحلية والدولية، إضافة إلى تطوير النظم المالية بما يتماشى مع المعايير المصرفية العالمية. وفي تصريح له خلال الورشة، أوضح مستشار رئيس الوزراء الدكتور مظهر محمد صالح أن دعم القطاع المصرفي وتحسين بنيته التحتية المالية يمثلان عنصرين حاسمين للنهوض بالاقتصاد الوطني. وأكد أن التوجه حاليًا ينصب نحو تعزيز البيئة التنظيمية بما يتيح للمصارف تقديم خدمات أكثر تنوعًا وفاعلية، مع الحفاظ على استقرار السوق النقدي وحماية مدخرات المواطنين. وقال صالح إن الإصلاح المالي لا يقتصر على تحديث اللوائح والتشريعات فحسب، بل يشمل أيضًا تطوير مهارات العاملين في القطاع المالي وتطبيق آليات حديثة لإدارة المخاطر، بما يعزز الثقة في الجهاز المصرفي ويشجع الاستثمار المحلي والخارجي على حد سواء. سياسات اقتصادية من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى أكرم حنتوش إلى أن الإصلاحات المصرفية تحتاج إلى رؤية شاملة ترتبط بالسياسات الاقتصادية العامة، بما في ذلك السياسات المالية والنقدية. وأوضح أن المرونة والتحديث المستمرين للقوانين المصرفية هما السبيل الأمثل للتعامل مع التحولات الاقتصادية المفاجئة. موضحًا أن تعزيز الشفافية ورفع كفاءة الرقابة على المصارف يسهمان في الحد من المخاطر المالية ويحميان الاقتصاد الوطني من تقلبات السوق غير المتوقعة. وأضاف حنتوش أن ربط الإصلاحات المصرفية بالاقتصاد الحقيقي يسهم في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويحفز النشاط الاقتصادي المحلي بما ينعكس إيجابًا على معدلات النمو وفرص العمل. مرونة أكبر إلى ذلك، أكدت الخبيرة الاقتصادية سلامة سميسم أن الثقة بين المواطن والمؤسسة المصرفية هي أساس أي نجاح اقتصادي طويل الأمد، داعية في الوقت ذاته الى ضرورة ان تتضمن الإصلاحات مرونة أكبر من أجل إمكانية تطبيقها على أرض الواقع. كما ناقشت الورشة دور المصارف في مواجهة التحديات المالية المعاصرة، بما في ذلك تحسين الخدمات الرقمية، وتسهيل الوصول إلى التمويل، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وشدد المشاركون على أن المرونة التنظيمية والابتكار في المنتجات المالية سيمكنان المصارف من لعب دور أكثر فاعلية في دعم الاقتصاد الوطني. مضيفين أن التحديث المستمر للبنى التحتية المصرفية يعزز القدرة التنافسية للمصارف العراقية في الأسواق الإقليمية والدولية. وخلال النقاشات، جرى التأكيد على أن التوصيات التي ستخرج بها الورشة ستكون خطوة مهمة لتعزيز حوكمة القطاع المالي، بما يشمل تبني سياسات مصرفية واضحة، وتحديث النظم الرقابية، ورفع مستوى التنسيق بين الجهات الرسمية والخاصة، إضافة إلى تبادل الخبرات الدولية في مجال الإصلاح المصرفي. وأشار المشاركون إلى أن هذه الإجراءات ستسهم في تعزيز استقرار السوق المالي، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وتشجيع الاستثمار الداخلي والخارجي، كما ستساعد على حماية المدخرات الوطنية من أية مخاطر محتملة.