الدَّيْن العام السيادي

اعمدة

الدَّيْن العام السيادي
100%
ياسر متولي
تُعد مشكلة ارتفاع نسبة الدَّيْن العام من أكثر ما يرهق الاقتصادات، إذ يؤدي تراكمه إلى أزمات مالية حادة. وببساطة، يُعرَّف الدَّيْن العام بأنه لجوء الدولة إلى الاقتراض لتغطية نفقاتها، ويُقاس ذلك عادةً بنسبة العجز في الموازنة العامة، إذ ترتفع الديون كلما تجاوزت النفقات حجم الإيرادات، ولاسيما النفقات التشغيلية.
هذه الظاهرة تنتشر غالبًا في الدول النامية بسبب ضعف قدراتها الاقتصادية، واعتمادها على الاقتراض الخارجي والداخلي. غير أن المقلق اليوم أن الأزمة امتدت إلى بعض الدول الكبرى ذات الاقتصادات المتينة، وهو ما نشهده في أوربا، مع تراجع اقتصاداتها بفعل المتغيرات الجيوسياسية والاقتصادية الدولية. ولنا في فرنسا مثالٌ واضح، فبرغم قوتها الصناعية والسياحية والعسكرية، تواجه فرنسا أزمات متتالية نتيجة عوامل عدة، أبرزها:
تجاوز نسبة الدَّيْن العام السيادي الحدود الآمنة من الناتج المحلي الإجمالي، إذ تشير تقديرات المؤسسات الرسمية والإخبارية إلى أن نسبة الدين العام الفرنسي إلى الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 113 % و114 %، وهي نسبة مرتفعة جدًا مقارنة بمعايير الاتحاد الأوربي البالغة (60 %). ما يفرض على الدولة إما رفع الضرائب أو تقليص الإنفاق، وكلاهما صعب سياسيًا واجتماعيًا. كذلك فإن خسارة فرنسا النفوذ في إفريقيا لصالح قوى منافسة، مثل الصين وروسيا وتركيا، قلّصت من استثماراتها ومصادر قوتها التقليدية. فضلاً عن ارتفاع النفقات العسكرية المرتبطة بدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا. وأخيرًا السياسات الأميركية الحمائية، التي فرضت ضرائب مرتفعة على الصادرات الفرنسية، ما كشف أن التحالفات لا تعلو على المصالح الوطنية.
إضافةً إلى ذلك، فإن نمط الرفاهية المرتفع في المجتمع الفرنسي جعل أية محاولة لزيادة الضرائب، أو خفض النفقات، تواجه رفضًا شعبيًا واسعًا، وهو ما يحدّ من قدرة الحكومة على الإصلاح المالي.
إن ما تمر به فرنسا اليوم يؤكد أن حتى الدول الكبرى ليست محصّنة من الأزمات الاقتصادية إذا ما تجاوزت ديونها الحدود الآمنة. فثقافة الاستهلاك المفرط والاعتماد على الاقتراض، دون معالجات، هي وصفة لانهيارات مستقبلية.
إن النتيجة المنطقية التي خرجتُ بها من مقالي هذا هي أن الأسباب التي ذكرتها، التي تسببت بتراجع الاقتصاد الفرنسي ألغت الاستغراب من حصول الأزمات الحادة في الدول العظمى أو حتى التأثر بها.
أما العِبرة التي نستخلصها، فهي أن على الدول، ومنها بلدنا، أن تضع مصلحتها الاقتصادية في المقدمة، وتتعامل بحكمة مع الأزمات العالمية، وتتعلم من التجارب، لكيلا تكرر أخطاء الآخرين.
كنا دائمًا ندعو، في هذه الزاوية من الصفحة الاقتصادية، إلى ضرورة وأهمية الاستفادة من التجارب العالمية، التي غالبًا ما تشير وتؤكد أن مصلحة البلد تأتي أولًا وقبل كل شيء، لكي تكون العلاقات متوازنة بشكل عادل، بمعنى (التعامل بالمثل).

إقــــرأ المــــزيــــــــد

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال
تحقيقات

العلكة الكردية.. سحر الطبيعة وثمرة الجبال

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي
تحقيقات

حين تمتزج الأرض بالتقاليد.. قصة (تنباك الجدول الغربي) الذي يغزو المقاهي

حياة بلا تواصل اجتماعي..  هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟
تحقيقات

حياة بلا تواصل اجتماعي.. هل مازال في وسعنا أن نعيش في العالم الافتراضي؟

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟
تحقيقات

أرصفة بلا مارة.. كيف تحولت شوارع بغداد إلى غابة من التجاوزات؟

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي
تحقيقات

من الورق إلى الكود.. الهوية الجامعية تدخل العصر الرقمي

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"
تحقيقات

العراق: "الدولة والمجتمع خلال قرن"

أبرز الأخبار

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

كيفــ ترد على من يحاول التقليل من شأنك؟

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

يارا خضير: أرقص من أجل السلام

قصة إعدام الفنان صباح السهل

قصة إعدام الفنان صباح السهل

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

السحر الأسود.. يقلق راحة الموتى والأحياء المتاجرة بأدوات غسل الميت وأعضائه

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

صلاح عمر العلي:300 عضو قيادي اختفوا بعد اجتماع قاعة الخلد

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

رنين تبوني: بالشعر.. اهرب من الواقع !

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج

تاريخ ورمزيّة خاتم الزواج